المكرّمات ، وإنّها من أعلىٰ العرب نسباً وحسباً ، سطع نور فخرها السماوات العلىٰ ، وهبت رياح عطرها في كل ذرات الهواء ، فلها الفضل الجميل الذي لم يسمح الدهر لغيرها بمثيل ، وكل ما يذكره المؤرّخون عنها سلام الله عليها أنّها كانت : (أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً) (١) ، ولهذا أشار في حقّها العباس بن عبد المطلب عليهالسلام قائلاً : كانت ـ آمنة ـ من أجمل نساء قريش وأتمّها خُلقاً (٢).
أجل تمَّ زواجهما عليهماالسلام وسرعان ما بانت البشرىٰ لهما ، حيث نامت السيدة آمنة ليلتها وعبد الله إلىٰ جانبها ساهر يقظان يرقب نور الفجر الوليد ، حتىٰ إذا دنا الصبح استيقظت العروس (آمنة) من نومها الهنيء وأقبلت علىٰ زوجها تحدّثه عن رؤياها : رأت كأنّ شعاعاً من النور انبلج من كيانها اللطيف يضيء الدنيا من حولها حتىٰ انّها لترىٰ قصور بصرىٰ في الشام ، وسمعت هاتفاً يهتف بها : لك البشرىٰ فانّك حملت بسيد هذه الاُمّة (٣). وبقي عبد الله مع عروسه الميمونة عدّة أيّام ، وقيل عشرة أيام (٤) ، وكان يشعر أنّ عروسه آمنة تحمل له جنينه الغالي ، وقد بدت لعينيه في تلك اللحظات داخل إطار من نور مقدّس ووسط هالة من الاشعاع السماوي ، ولكنه كان مضطرّاً إلىٰ السفر وهو علىٰ أمل
_____________
(١) السيرة النبوية / ابن هشام ١ : ١٣٨.
(٢) إكمال الدين وإتمام النعمة / الصدوق ١ : ١٧٥ / ٣٢.
(٣) السيرة النبوية / ابن هشام ١ : ١٤٠.
(٤) ذكر ذلك جمهور المؤرخين / وقيل : إن عمر محمّد صلىاللهعليهوآله ثمانية وعشرون شهراً ، سيرة ابن هشام ١ ـ ٢ : ١٥٨ حاشية (٣).