اللقاء القريب ! إذ كان عليه أن يلحق بقافلة قريش التجارية المسافرة من مكّة المشرفة إلىٰ مدينة غزّة بفلسطين ثمّ الشام ، فسافر عليهالسلام مودّعاً زوجته الحبيبة حيث أخبرها أنّ سفرته ليست طويلة ، وإنّما هي بضعة أسابيع ! وقد مضىٰ شهر واحد ولا جديد فيه سوىٰ أنّ السيدة (آمنة) شعرت بالبادرة الاُولىٰ للحمل ، وكان شعورها به رقيقاً لطيفاً.
روىٰ الحافظ ابن سيد الناس من طريق الواقدي بسنده إلىٰ وهب ابن زمعة عن عمّته قالت : كُنّا نسمع أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا حملت به اُمّه آمنة سلام الله عليها كانت تقول : ما شعرت بأنّي حامل فيه ، ولا وجدت له ثقلة كما تجد النساء ، إلّا أنّي أنكرت رفع حيضتي فقال : هل شعرت انك حملت ؟ فكأني أقول ، ما أدري ، فقال : انّك حملت بسيد هذه الاُمّة ونبيّها ، وذلك يوم الاثنين ، فكان ذلك مما أيقن عندي الحمل (١).
وعن الزهري قال : قالت السيدة آمنة : لقد عَلِقتُ به فما وجدت مشقّة حتىٰ وضعته (٢).
أمّا خبر حمل السيدة آمنة بوليدها ، ففي ديار الحجاز كانت قد علمت الكهنة بذلك نظراً لكثرة هطول بركات السماء وبزوغ بركات الأرض ، حيث إنّ العرب كان قد أصابها قحط ومخمصة ، وعند حمل السيدة بوليدها صلىاللهعليهوآله نزل المطر وكثرت النعم عليهم حتىٰ سميت تلك السنة بسنة الأنقع (٣).
_____________
(١) شرح المواهب اللدنية / الزرقاني ١ : ١٢٠.
(٢) الطبقات الكبرىٰ / ابن سعد ١ : ٩٨ خبر (ذكر حمل آمنة برسول الله صلىاللهعليهوآله).
(٣) سنة الأنقع : يعني سنة نزول المطر وارتواء الأرض والناس والدواب من الماء. منتهى الآمال / عباس القمّي ١ : ٥٦.