عندما اقتربت وفاة الإمام العسكري عليهالسلام ، ولعلمه بما سيحدث علىٰ أهل بيته من ظلم واضطهاد ، فلذا طلب من أُمّه وأهله مغادرة (سُرَّ من رأىٰ) لأداء مراسم الحج ، والعيش بعيداً عن أنظار السلطة الجائرة ، ولكي يتفرّغ لترتيب وضع القواعد الشعبية بعد غيبة الإمام المنتظر عجل الله تعالىٰ فرجه الشريف.
روى المسعودي عن أحمد بن إسحاق قال : دخلت علىٰ الإمام العسكري عليهالسلام فقال : « يا أحمد كيف حالكم فيما كان الناس من الشكّ والارتياب ؟ ».
قلت : يا سيدي ، لمّا ورد كتابكم يخبرنا بمولد سيدنا محمّد المهدي عجل الله تعالىٰ فرجه الشريف ، لم يبقَ منا رجلٌ ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم إلّا قال بالحقّ ، فقال الإمام : « أما علمتم أن الأرض لا تخلو من حجّة ! »
ثم طلب الإمام العسكري عليهالسلام من والدته (السيدة سوسن) أن تحجّ البيت سنة تسع وخمسين ومائتين ، وعرّفها ما يناله في سنة ستين ، وأحضر ولده الإمام المهدي ، فأوصىٰ إليه وسلّم إليه الاسم الأعظم ومواريث الإمامة والسلاح ، ثم خرجت والدته (السيدة سوسن) مع حفيدها الإمام المهدي وأُمه (علىٰ رواية) جميعاً إلىٰ مكّة المكرّمة (١).
وبعد شهادة الإمام العسكري عليهالسلام عادت مرّة أُخرىٰ إلىٰ (سُرَّ من رأىٰ) فما كان من بني العباس إلّا وقد فتّشوا منزل الإمام وعرّضوا عيال الإمام وأهل بيته إلىٰ أشدّ المضايقات والتنكيل ، وظلّت السيدة (سوسن) صابرة محتسبة
_____________
(١) إثبات الوصية : ٢١٧.