ثمّ باع واشترى ، وعادت القافلة واستقبلها أهل مكّة ، ونظرت السيدة خديجة إلىٰ جِمالها وقد أقبلت كالعرائس ، وكانت معتادة في كل مرّة أن يموت بعضها ويجرب بعضها إلّا تلك السفرة فإنها لم ينقص منها شيء !
فوقفت قبيلة قريش معجبين من تلك الجِمال ، فأخذوا يردّدون : إنّ هذا ما أفاده محمّد صلىاللهعليهوآله لخديجة من رحلته إلىٰ الشام ، فذهبت عقول قريش لهذه البركات.
وأخيراً حطّت القافلة ركاب جِمالها ، ففكّوا رحالها وعرضوا ما فيها من بضاعة وأموال ونفائس علىٰ خديجة ، وكانت عندهم جالسة خلف الستار ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله جالس وسط الدار ، وميسرة يعرض عليها الأمتعة شيئاً فشيئاً ، فنظرت خديجة إلىٰ ما قد أدهشها فأخبرت أباها قائلة له : يا أبت هذا كلّه ببركة محمّد صلىاللهعليهوآله ، والله يا أبتاه إنه مبارك ميمون الغرّة ، فما ربحتُ ربحا أغنم وأعظم من سفرة محمّد هذه !
لمّا رأت السيدة خديجة من مكارم أخلاق
محمّد صلىاللهعليهوآله
وبركاته ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علىٰ بال بشر ! ، أحبته صلىاللهعليهوآله حبّاً شديداً نابعاً
من صفاء نفسها وقدسية قلبها ، وهنا فكّرت أن تتّخذه زوجاً وقريناً لها ، ولهذا استشارت ابن عمّها ورقة بن نوفل في ذلك ، فشجّعها علىٰ الزواج من محمّد صلىاللهعليهوآله مبيّناً لها بأنه النبي المرتقب ، عندها طلبت خديجة عليهاالسلام
من صديقتها نفيسة بنت أُمية أُخت يعلىٰ أن تفاتح محمّداً صلىاللهعليهوآله
بالزواج ، ثمّ وصل الأمر إلىٰ أن خاطبت خديجة عليهاالسلام
محمّداً صلىاللهعليهوآله
بقولها : يا بن العم ، إنّي قد رغبت فيك لقرابتك منّي ،