ليودّعها وهي تبكي شأنها شأن كل عروس فارقت بيت أبيها ومرتع طفولتها ، ولمّا همّ بالإنصراف انحنى علىٰ فاطمة بكل عطف وحنان قائلاً لها : « لقد تركتك وديعة عند أوّل الناس إسلاماً ، وأقوىٰ الناس إيماناً ، وأكثرهم علماً ، وأفضلهم أخلاقاً ، أما والله يا فاطمة لقد زوّجتك سيّداً في الدنيا والآخرة » (١).
لقد استجاب الله سبحانه وتعالىٰ دعاء نبيّه الكريم في تلك الساعة « جمع الله شملكما ، وأعزّ جدكما ، وبارك عليكما ، وأخرج منكما كثيراً طيباً » (٢).
أجل بارك الله تعالىٰ لعلي وفاطمة عليهماالسلام زواجهما السعيد ، وحصر ذرّية نبيّه المختار صلىاللهعليهوآله في أولاد ابنته وحبيبته فاطمة الزهراء عليهاالسلام (٣).
وكانت الخطبة في السنة الثانية للهجرة في شهر رمضان ، والزواج في أوّل ذي الحجّة ، في المدينة المنورة ، أمّا عمرها عند الزواج فهو يختلف بحسب الاختلاف في تاريخ ولادتها وزواجها ، فإذا قلنا بولادتها بعد المبعث بخمس سنين يكون عمرها عند الزواج نحو تسع سنين أو عشر.
وفي الاستيعاب : كان سنّها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ،
_____________
(١) الطبقات الكبرىٰ / ابن سعد ٨ : ١٤.
(٢) ينابيع المودة / القندوزي الحنفي : ٢٠٧.
(٣) لقد وضح الرسول صلىاللهعليهوآله تلك الحقيقة قائلاً : « إنّ الله جعل ذرية كل نبي في صلبه ، وجعل ذرّيتي في صلب هذا ـ يعني عليّاً ـ » وكذا في قوله صلىاللهعليهوآله : «كل ولد أب فإن عصبتهم لأبيهم ، ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم » عن ذخائر العقبىٰ / المحبّ الطبري : ١٢١ ، وتاريخ بغداد / الخطيب البغدادي ١١ : ٢٨٥.