كلمة المركز
حظيت مسألة الأمومة في الفكر الإسلامي برعاية خاصّة باعتبارها واحدة من أبرز عوامل نهضة المجتمع المسلم في توازن أجياله وتحمّلهم أعباء المسؤولية في المستقبل كاملة ، الأمر الذي يؤكّد أصالة الدور الإنساني للأم في بناء الحضارة ، وهو دور فرضه الإسلام للأم نتيجة للالتزامات الطبيعية التي تفرضها أوضاع ذلك الدور المعقّد من الحمل والإرضاع والتربية وما إلىٰ ذلك.
ومن الواضح أنّ الإسلام لم يحصر دور المرأة في تربية الأطفال ورعاية الزوج وإدارة شؤون المنزل ، بل وهبها مساحة واسعة للتحرّك ، تستطيع من خلالها القيام بمسؤوليّاتها في نطاق ثقافتها وطاقاتها الاجتماعية في تشخيص مواطن الخلل وإصلاحها ، كمن ترى في نفسها القدرة اللازمة على أن تهدي جمهوراً نسوياً إلىٰ الطريق المستقيم.
ومن هنا نجد القرآن الكريم لم يلغِ مسؤوليتها بحجّة دورها المنزلي ، بل فرض عليها التزامات طبيعية كمسلمة تجاه الإسلام في جهاده وحركته ، فحمّلها ـ مع الرجل ـ مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كما في قوله تعالىٰ : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ... ) ، وقد حدّثنا القرآن الكريم عن نماذج فريدة من النساء اللواتي تفوّقن على الرجال في عصرهنّ ، في سعة النظرة ، ودقّة الفكر ، وعمق الوعي ، ووضوح الرؤية كما هو الحال في شخصيّة مريم العذراء ، وامرأة فرعون ، وملكة سبأ.
وفي تاريخنا الإسلامي صفحات من نور لشخصيّات نسوية رائعة كان لموقعهنّ الفاعل علىٰ مسرح الأحداث السياسية والاجتماعية والفكرية صدى كبير ، ومواقف إيمانية صلبة ثابتة ، بحيث صارت تلك المواقف البطولية قدوة حسنة ومثلاً أعلى للرجال والنساء معاً ، كما نجده واضحاً في حياة وسيرة أعظم نساء النبي صلىاللهعليهوآله أمّ المؤمنين خديجة الكبرى عليهاالسلام. ناهيك عمّا في تاريخ الإسلام من موقف نسوي عبقري ورثته بطلة كربلاء من أمّها الزهراء عليهماالسلام.
إنّ توفير الظروف
الإسلامية المناسبة للمرأة يكفل لها إمكانيّات النموّ الروحي والعقلي ، والالتزام العملي الذي تتوازن فيه عناصر شخصيّتها بشكل طبيعي ، بحيث يمكنها التفوّق علىٰ الرجال ، وإلغاء فوارق الجنس بالإيمان والعقل والإرادة
والمعرفة