الروايات تؤكّد أنّ انتزاع فدك والعوالي وسهم ذوي القربى من يد الصدّيقة الزهراء عليهاالسلام وحرمانها من ميراث أبيها صلىاللهعليهوآله ، كان داخلاً في الحسابات السياسية لسلطة الخلافة ، حتىٰ لا تتوفّر لعلي عليهالسلام أسباب القوة المادية التي تعينه علىٰ المضي في موقفه المعادي للغاصبين ، ومن هنا تمّت مصادرة فدك.
ومن جانب آخر أدركت السلطة أن الاعتراف بحقّ الزهراء عليهاالسلام بفدك ، سيؤدّي إلىٰ اعترافهم بحقّ علي عليهالسلام في الخلافة فيما لو احتجّت عليهم الزهراء عليهاالسلام بذلك.
ومع هذا فقد استثمرت بنت المصطفىٰ صلىاللهعليهوآله هذا الموقف ، وحاولت خلق شعور جماعي لا يرضىٰ بالاستكانة ، ولا يقبل بالحاكم الظالم ، ويرفض تمكّنه من أي موقع قيادي في دولة الإسلام ما دام ظالماً جائراً ، فكيف لو كان الموقع هو القيادة العامة للمسلمين ؟!
إنّ حقيقة المطالبة بفدك تتجلّىٰ بالمطالبة بالخلافة الحقّة المغتصبة ، وإن المطالبة فيها هي المطالبة بعزّة النفس وأصالة الحقّ وعنفوان الرسالة وامتداد أبيها صلىاللهعليهوآله (١).
لقد مات رسول الله صلىاللهعليهوآله وانحرفت المسيرة ورأت الصدّيقة فاطمة عليهاالسلام ضياع أُمّةِ أبيها صلىاللهعليهوآله ، فما كان منها إلّا أنّ أعلنت ثورتها ، لأنّها تعلم علم اليقين أنّ الله سبحانه نصّب للإمامة والخلافة ربيب النبي صلىاللهعليهوآله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وحينما رأت أن هؤلاء سيطروا علىٰ كل شيء ، فاغتصبوا الخلافة ،
_____________
(١) فاطمة وتر في غمد / سليمان كتاني : ١٠٧.