واحدة منهن ولا تتكلم إلّا بالجدّ وكُنّ حريصات أن لا يُسمِعن خديجة ما يؤذيها منهن من ألفاظ !
لقد امتازت قبيلة قريش بوجود عدد كبير من النساء الكريمات من ذوات العقل والفكر والأدب والأخلاق ، لكن السيدة خديجة حازت قصب السبق بعقلها وشرفها وطهارتها وترفّعها عن زبارج الحياة وزخرفها ، كانت تكرم الجميع وتصلهم بخيرها وبرّها حتىٰ غبطها أهل مكة لمكارم أخلاقها ، فمنحوها الألقاب والأوصاف الكريمة ما لم يمنحوها لأي امرأة اُخرىٰ ، فقد لقّبوها بالطاهرة ، ولقّبت كذلك بسيدة نساء قريش ، وسيدة نساء أهل مكّة ، لما لها من مكارم أخلاق وجمال وكمال.
وكانت السيدة خديجة دائمة الحديث مع ابن عمّها ورقة بن نوفل عن الرسول الخاتم صلىاللهعليهوآله وكيف سيُرسَل لهداية البشر ؟ كانت دائمة الأسئلة مع نفسها دائمة التفكير بذلك النبي المنتظر ! هل قرب زمان هذا النبي ؟ هل ستراه ؟ ومتىٰ ؟ (١) وهكذا خُتِمت المرحلة الاُولىٰ من حياتها الإيمانية ولم تسجد لصنم ، ولم تقدّم أيّ قربان ، ولا نذرت نذراً للأصنام.
أمّا المرحلة الثانية في حياة خديجة الكبرىٰ عليهاالسلام فقد تسارعت بها مراتب الكمال حتىٰ وصلت إلىٰ منتهاه ، بعد اقترانها بالنبي الأعظم صلىاللهعليهوآله ، وذكر ابن حجر العسقلاني في كتابه الإصابة موضحاً إيمان السيدة خديجة بمحمّد صلىاللهعليهوآله بقوله : ما زالت خديجة تعظّم النبي صلىاللهعليهوآله وتصدّق حديثه قبل البعثة وبعدها (٢). ولذلك
_____________
(١) رياحين الشريعة / ذبيح الله محلاتي ٢ : ٢١١ ـ ٢١٢ (فارسي)
(٢) الإصابة ٤ : ٢٨٢.