ثمّ إنّ خديجة قالت لابن عمها ورقة بن نوفل : يا ابن عمّ ، خذ هذه الأموال وأعطها محمّداً ، وقل له إن هذه الأموال هدية له وهي ملكه يتصرّف بها كيف يشاء ! وعند ذلك أولم محمّد صلىاللهعليهوآله ونحر جزوراً وقيل جزورين ، وأطعم الناس ، وعندها فرح بنو هاشم فرحاً شديداً ومنهم عمّه أبو طالب حيث قال : الحمد لله الذي أذهب عنا الكرب ، ودفع الغموم ، وكانت تلك الوليمة أول وليمة يولمها محمّد صلىاللهعليهوآله.
وبعد تهيئة بيت الزواج ومستلزماته جاءت عمّات النبي صلىاللهعليهوآله ، واجتمع السادات والأكابر ، ثمّ أقبل أبو طالب وبنو هاشم وفي وسطهم محمّد صلىاللهعليهوآله بين أعمامه وعليه ثياب من قباطي مصر وعمامة حمراء وعبيد بني هاشم بأيديهم الشموع والمصابيح ، فلما وصلوا دار خديجة دخل محمّد صلىاللهعليهوآله وكأنه القمر في تمامه وأعمامه محدقون به كأنهم أُسود الثرىٰ في أحسن زينة يكبّرون الله ويحمدونه ، فدخلوا جميعاً إلىٰ دارها ، وجلس محمّد صلىاللهعليهوآله في المجلس الذي هيئ له ونوره قد علا نور المصابيح ، فذهلت النساء مما رأين من حسنه وجماله ، ثمّ بعدها تهيّأت النساء لاستقبال السيدة خديجة ، فخرجت تحفّها نساء بني هاشم ، وأنشدت صفية بنت عبد المطّلب :
جاء السرور مع الفرح |
|
ومضى النحوس مع الترح |
أنوارنا قد أقبلت |
|
والحال فيها قد نجح |
بمحمّد المذكور في |
|
كل المفاوز والبطح |
لو أن يوازن أحمد |
|
بالخلق كلّهم رجح |
ولقد بدا من فضله |
|
لقريش أمر قد وضح |
ثمّ السعود لأحمد |
|
والسعد عنه ما برح |
بخديجة بنت الكمال |
|
وبحر نايلها طفح |