قرينة ، وإنّ الروايات قد دلت علىٰ أنّ ابن آدم إذا سجد لربه ضجر إبليس وبكىٰ ، لأنّه أُمر به فعصىٰ واستكبر فلُعن وأُبعد ، وهذه الروايات دالة علىٰ سجود الملائكة بهذا المعنىٰ المعهود للسجود لأنّ المتبادر من السجود وضع الجبهة علىٰ الأرض، ويؤيده قوله تعالىٰ : ( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) حيث امتثل الجميع ـ بالسجود ـ لأمر الله إلاّ إبليس أبىٰ قال تعالىٰ : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) (١) ، لذلك يضجر إبليس ويبكي من إطاعة ابن آدم للأمر وعصيانه هو من قبل (٢) ، وقد روىٰ أبو بصير عن الإمام الصادق عليهالسلام مايؤيد ذلك ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : سجدت الملائكة لآدم عليهالسلام ووضعوا جباههم علىٰ الأرض ؟
قال عليهالسلام : « نعم تكرمة من الله تعالىٰ » (٣).
الرأي الثاني : إنّ سجود الملائكة كان لله تعالىٰ ، وإنما كان آدم قبلةً لهم ، كما يقال : صلِّ للقبلة أي إليها. وقد أمر الله الملائكة بالتوجه إلىٰ آدم في سجودهم تكريماً له وتعظيماً لشأنه وهو ما نسب إلىٰ أبي علي الجبائي وأبي القاسم البلخي وجماعة (٤).
ويرد عليه ما ورد علىٰ سابقه من مخالفته لظاهر اللفظ بل ومنافاته
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٣٤.
(٢) راجع البيان في تفسير القرآن / السيد الخوئي : ٥٠٦ ، المطبعة العلمية ـ قم ١٣٩٤ ه ط ٥.
(٣) بحار الأنوار ١١ : ١٣٩ / ٣ باب سجود الملائكة ومعناه.
(٤) بحار الأنوار ١١ : ١٤٠ / ٦ باب سجود الملائكة ومعناه.