الصلاة نجاسة ولكنّه لم يفترض انّها نفس النجاسة السابقة ، حيث قال : « فرأيت فيه » ولم يقل « فرأيته » أو « فرأيتها فيه » ، فإنّ عدم ذكره للضمير يفتح مجالا لأن يكون مقصوده رؤيته بعد الفراغ نجاسة يحتمل مغايرتها للنجاسة السابقة.
وعلى ضوء فرض هذه الامور الثلاثة أجاب الإمام عليهالسلام بصحّة الصلاة معلّلا بأنّه كان على يقين سابق بالطهارة وشكّ لا حق في زوالها ولا ينبغي نقض اليقين بالشكّ أبدا.
وفي مقصود زرارة من هذا السؤال توجد أربع فرضيات محتملة نستعرضها لنرى انّ أي واحدة منها تصلح للاستدلال على حجّية الاستصحاب.
أ ـ أن يكون مقصود زرارة انّي حينما ظننت بالإصابة وفحصت ولم أجد النجاسة حصل لي القطع بعدم إصابة النجاسة ـ فيكون قول زرارة : « فلم أر شيئا » كناية عن حصول القطع له بعدم إصابة النجاسة ـ ولمّا صلّى ووجد نجاسة حصل له القطع بأنّ هذه النجاسة عين النجاسة السابقة التي ظنّ أصابتها للثوب ، فهو قبل الصلاة قاطع بعدم إصابة النجاسة لثوبه وبعد الفراغ قاطع بأنّ ما رآه هو عين ما ظنّ إصابته سابقا.
وهذه الفرضية لا يحتمل أن تكون هي المقصودة لزرارة ، فإنّ الإمام عليهالسلام افترض في جوابه وجود شكّ لزرارة وطبّق الاستصحاب أو قاعدة اليقين (١) ، وذلك لا يتمّ بناء على هذه الفرضية ؛ إذ لا يوجد فيها شكّ ليقول عليهالسلام انّك كنت على يقين سابق وشكّ لا حق ، كلا انّ هذا لا معنى له فإنّ زرارة لم يكن له شكّ بل
__________________
(١) حيث انّ قول الإمام عليهالسلام : لأنّك كنت على يقين من طهارتك ثمّ شككت وليس ينبغي الخ يحتمل الاثنين.