فسوف تثبت طهارة الطعام بسبب هذا اليقين الثاني المتعلّق بها وإن لم تثبت باليقين الأوّل المتعلّق بطهارة الماء.
قلت : إنّ اليقين بشيء إنّما يستلزم اليقين بآثاره في خصوص اليقين التكويني الوجداني دون اليقين التعبّدي ، فاليقين الوجداني بوجود النار يولّد اليقين بالحرارة والإحراق ، وأمّا اليقين التعبّدي بالنار فهو لا يولّد اليقين التعبّدي بالإحراق والحرارة ، فإنّ التعبّد لا بدّ من الاقتصار فيه على حدوده ولا يحقّ تجاوزها ، فزيد إذا اعتبرناه أسدا من حيث الشجاعة فلا يحقّ له الإفتراس لأنّا وإن اعتبرناه أسدا ومن حقّ الأسد الإفتراس إلاّ أنّا لم نعتبره أسدا إلاّ في حدود الشجاعة ولم نعتبره أسدا بلحاظ الإفتراس فلا بدّ من الإقتصار على مقدار الإعتبار وهو حيثيّة الشجاعة لا أكثر.
وفي المقام الأمر كذلك أيضا فإنّ الشارع وإن عبّد المكلّف بعد استصحاب طهارة الماء بأنّه عالم بطهارة الماء الاّ أنّ هذا لا يستلزم العلم بطهارة الطعام إذ التعبّد لا بدّ من الإقتصار فيه على حدوده.
والخلاصة انه على الاحتمال الثاني قد يستشكل في تنجّز الآثار المباشرة فضلا عن غيرها.
والجواب : إنّ تنجّز الحكم لا يتوقّف على اليقين التعبّدي به ليقال انّ اليقين التعبّدي بطهارة الماء لا يستلزم اليقين التعبّدي بطهارة الطعام بل يكفي في التنجّز العلم بتشريع الحكم المنضم إلى العلم بتحقّق الموضوع. فمثلا حرمة شرب الخمر تتنجّز فيما لو علم المكلّف بتشريع الحرمة لشرب الخمر وعلم أنّ شرب السائل الذي يريد شربه هو شرب للخمر لا شرب لعصير البر تقال ، أمّا إذا علم بتشريع