٢ ـ ان لا يكون المستصحب ذا استعداد للبقاء ، ومن أجل عدم ثبوت الاستعداد الكامل له يشكّ في بقائه كما هو الحال في الشمعة ذات اللهب ، فإنّه قد يشكّ أحيانا في بقاء نورها لا من ناحية احتمال هبوب الريح الموجب لإخمادها وإنما من ناحية احتمال ذوبانها وانعدامها بالكامل.
والمثال الشرعي لذلك : خيار الغبن بعد اتضاح الغبن ، فإنّه بعد مضي فترة قصيرة على اتضاح الغبن يشكّ في بقاء الخيار وليس ذاك من جهة احتمال الرافع إذ المفروض أنّ المغبون لم يقل اسقطت الخيار بل من ناحية احتمال ان نفس خيار الغبن ليس له استعداد للبقاء أكثر من ذلك. والشكّ في البقاء في الحالة المذكورة يسمى بالشكّ في المقتضي.
وبعد اتضاح هذا التفصيل قد تسأل عن توجيهه وأنّه لماذا كان الاستصحاب حجّة في موارد الشكّ في الرافع دونه في موارد الشكّ في المقتضي؟
والجواب : يمكن بيان ذلك بأحد وجهين : ـ
١ ـ إنّ حديث لا تنقض الذي ورد في الروايات السابقة ورد في موارد خاصة مثل الوضوء وطهارة الثوب ولم يرد كقاعدة كلية في جميع الموارد ولا يستفاد ذلك من مدلوله اللفظي. أجل استفدنا شموله لجميع الموارد من ناحية التعليل وكلمة « لا ينبغي » ، فإنّ نفس التعليل بقضية « لا تنقض اليقين بالشكّ » والتعبير بكلمة لا ينبغي يدل على أنّ المطلب أمر ارتكازي إذ التعليل لا يكون عادة الاّ بأمر ارتكازي عرفي. وإذا رجعنا إلى ارتكاز العقلاء وجدنا انّ الثابت في اذهانهم حجّية الاستصحاب في خصوص موارد الشكّ في الرافع دون موارد الشكّ في المقتضي ، فالشيء الذي لا يحرزون استعداده الكامل للبقاء لا يحكمون