إلى الحرمة أيضا تمسكا بالاستصحاب فيشار إلى الزبيب ويقال : هذا كان يحرم سابقا ـ أي عند ما كان عنبا ـ إن غلا والآن نشكّ في بقاء تلك الحرمة فنستصحبها.
إنّ المستصحب في هذا المثال ـ كما نلاحظ ـ ليس هو الحرمة المنجزة بل الحرمة المعلّقة على الغليان والمشروطة بـ « إن » الشرطية ، فالحرمة الثابتة للعنب إن غلا هي التي يراد استصحابها.
ثم إنّا لو تأملنا في المثال وجدنا وجود ثلاث خصوصيات : العنبية ، والغليان ، ورطوبة العنب.
أمّا الخصوصية الاولى والثانية فيجزم بدخالتهما في الحرمة فلو لا العنبية (١) ولو لا الغليان فلا حرمة جزما. وأمّا الخصوصية الثالثة وهي الرطوبة التي زالت بسبب جفاف العنب وصيرورته زبيبا فممّا يشكّ في مدخليتها ، فلو كان لها مدخلية فالحرمة حالة الزبيبية منتفية جزما ولو لم يكن لها مدخلية فهي باقية إلى حالة الزبيبية جزما. إذن منشأ الشكّ في بقاء الحرمة هو الشكّ في مدخلية هذه الخصوصية.
ثم إنّه لا بدّ من فرض أنّ الخصوصية الثانية ـ وهي الغليان ـ غير متحققة ، إذ لو كانت متحققة بأن فرض غليان العنب فحالة الزبيبية لا تكون حاصلة بل لا بدّ من فرض أنّ العنب بقي ولم يغل إلى أن صار زبيبا ثم بعد ذلك غلا. والحرمة التي يراد استصحابها إنّما صارت معلقة بسبب عدم تحقق الخصوصية الثانية إذ مع تحققها تصير ـ الحرمة ـ منجزة لا معلقة.
__________________
(١) بأن كان الشيء تينا مثلا