يتحمّل الاستصحاب وقاعدة اليقين معا. والاستدلال بالرواية على حجّية الاستصحاب يتوقف على استظهار كون مقصود الإمام عليهالسلام من قوله : « لأنّك كنت على يقين من طهارتك ... » الاستصحاب دون قاعدة اليقين. وفي هذه الجهة يراد تقريب هذا الاستظهار.
وحاصل ذلك : انّ كون المقصود الاستصحاب يتوقّف على تمامية أركانه ، وهكذا كون المقصود قاعدة اليقين يتوقّف على تمامية أركانها. ونحن لو تأمّلنا في الفقرة المذكورة وجدنا انّ أركان قاعدة اليقين غير متوفّرة بينما أركان الاستصحاب متوفّرة فيتعيّن حمل الفقرة المذكورة على الاستصحاب.
أمّا عدم توفّر أركان قاعدة اليقين فلأنّها ـ أركان قاعدة اليقين ـ عبارة عن اليقين المتزلزل والشكّ الساري. والركن الأوّل ـ أي اليقين المتزلزل ـ غير متوفر ؛ إذ لا يوجد ما يدلّ عليه سوى قول زرارة « فنظرت فلم أر شيئا » ، ومن الواضح انّ إخبار زرارة بعدم رؤيته للدم بعد النظر لا يدلّ على أنّ مقصوده حصول اليقين له بعدم إصابة الدم للثوب ، فإنّا كثيرا ما نفحص عن شيء ولا نعثر عليه ومع ذلك لا يحصل لنا اليقين بعدم حصوله ، فقطرة البول قد نحسّ بإصابتها للقدم عند التبوّل ونفحص عنها ولا نراها ومع ذلك لا يحصل لنا اليقين بعدمها ، فالتعبير المذكور ـ فنظرت فلم أر شيئا ـ لا يدل إذن على توفر الركن الأوّل حتّى على تقدير تسليم دلالة قوله : ـ فرأيت فيه ـ على الركن الثاني ، أي حصول الشكّ الساري.
وبكلمة مختصرة : انّ ما يمكن أن يكون دالاّ على الركن الأوّل قوله : « فنظرت فلم أر شيئا » ، وما يمكن أن يكون دالا على الركن الثاني قوله : « فرأيت