فلا معنى لإلزام الإمام عليهالسلام زرارة بإجراء الاستصحاب قبل الصلاة ، إنّ الالزام بذلك فرع أن يفرض زرارة شكّه في الإصابة بعد أن قام بالفحص ، وحيث انّ هذا الفرض لم يتحقّق من زرارة افتراضه فلا يمكن للإمام عليهالسلام أن يلزمه بإجراء الاستصحاب بلحاظ ما قبل الصلاة.
وبهذه الكيفية من البيان ينفى احتمال إجراء الإمام عليهالسلام للاستصحاب بلحاظ ما قبل الصلاة ويتعيّن أن يكون إجراؤه بلحاظ ما بعد الصلاة.
ولربّ قائل يقول انّ هذا البيان لاستفادة كون إجراء الاستصحاب قد تمّ بلحاظ ما بعد الصلاة وإن كان وجيها بيد أنّه توجد قرينة تقتضي كون جريان الاستصحاب قد لو حظ فيه حالة ما قبل الصلاة ، وهي استغراب زرارة ، فإنّ الإمام عليهالسلام لمّا حكم بصحّة الصلاة استغرب زرارة وقال للإمام عليهالسلام : ولم ذاك. وهذا الاستغراب لا وجه له ما دام إجراء الاستصحاب قد تمّ بلحاظ ما بعد الصلاة ؛ فإنّ الاستصحاب بعد الصلاة لا يجري إلاّ مع الشكّ في سبق النجاسة ، أي لا بدّ وأن يكون مقصود زرارة من قوله : « ثمّ صلّيت فرأيت فيه » انّي رأيت نجاسة بعد الصلاة احتمل أنّها السابقة ولا أجزم بذلك ، إذ لو كان جازما بأنّها السابقة فلا يمكن جريان الاستصحاب في حقّه فإنّ جريان الاستصحاب فرع الشك ، ومع جريان الاستصحاب فلا وجه للاستغراب من حكم الإمام عليهالسلام بصحّة الصلاة ، فاستغرابه دليل على أنّه كان قاطعا بأنّ النجاسة التي رآها بعد الصلاة هي السابقة وأنّ صلاته قد وقعت في النجس جزما ، ومع جزمه هذا فلا يمكن جريان الاستصحاب في حقّه بلحاظ ما بعد الصلاة ويتعيّن أن يكون بلحاظ ما قبل الصلاة وهو ما قلناه.