أ ـ ان يكون التنافي بينهما في مرحلة الانشاء والتشريع المعبر عنها بمرحلة الجعل ، كما لو ورد دليلان احدهما يقول صل وثانيهما يقول لا تصل ، فان الحكمين المذكور بين لا يمكن للمولى تشريعهما فإذا شرّع صل فلا يمكنه تشريع لا تصل ، والعكس بالعكس.
ب ـ ان يكون التنافي بينهما في مرحلة الفعلية المعبر عنها بمرحلة المجعول.
ومثال ذلك : دليل توضأ ان كنت واجدا للماء ودليل تيمم ان كنت فاقدا للماء ، فانّ الدليلين المذكورين لا منافاة بينهما في مرحلة التشريع إذ يمكن تشريعهما معا بيد أنّه لا يمكن صيرورتهما فعليين معا ، فان وجوب الوضوء لا يصير فعليا إلاّ عند وجدان الماء الذي لازمه عدم فعلية الحكم بوجوب التيمم لانتفاء موضوعه.
إذن التنافي بينهما هو في مرحلة الفعلية فلا يمكن صيرورتهما في وقت واحد فعليين وليس في مرحلة تشريعهما. ويدخل الدليلان في الحالة المذكورة تحت باب الورود.
ج ـ ان يكون التنافي بينهما في مرحلة الامتثال دون مرحلة التشريع والفعلية.
ومثال ذلك : ما إذا كان شخصان قد أوشكا على الغرق فإذا لم يمكن إلاّ انقاذ احدهما كان انقاذ كل واحد منهما ضدا لأنقاذ الآخر حيث لا يمكن تحققهما ويكون وجوب انقاذ كل واحد منهما مقيدا بعدم إنقاذ الآخر.
في هذا المثال لا نلمس تنافيا بين تشريع الحكمين فتشريع وجوب انقاد كل غريق أمر معقول ، كما ولا تنافي في مرحلة الفعلية فانّه لو لم يمتثل المكلّف الحكمين ولم ينقذ لا هذا ولا ذاك كان كلا الحكمين فعليا في حقه لتحقق شرطه