٣ ـ تقدّم في القسم الأول من الحلقة الثالثة في مبحث حجّيّة الظهور ان لكل كلام ظهورا تصوريّا وظهورا تصديقيّا (١).
والظهور التصوريّ هو خطور المعنى إلى الذهن عند سماع اللفظ ولو من اصطكاك حجرين. ومنشأ هذا الظهور هو الوضع.
والظهور التصديقي هو ظهور الكلام في ان المتكلم استعمله في معناه الحقيقي.
وتقدّم أيضا ان القرينة إذا كانت متّصلة فهي لا تهدم الظهور التصوري وإنّما تهدم الظهور التصديقي ، فكلمة يرمي مثلا في جملة رأيت أسدا يرمي لا تمنع خطور الحيوان المفترس من كلمة الأسد وإنّما تمنع الظهور التصديقي ، أي الظهور في ان المتكلم قد استعمل كلمة الأسد في الحيوان المفترس فلا يبقى ظهور في ان المتكلم قد استعمل كلمة الأسد في الحيوان المفترس.
وأمّا إذا كانت القرينة منفصلة فهي لا تمنع من أصل انعقاد الظهور التصديقي المذكور وإنّما تمنع حجّيّته ، فإذا قال المتكلم رأيت أسدا ثم ذكر في كلام ثان كلمة يرمي فالكلام الأول يبقى ظاهرا في ان المتكلم قد استعمل كلمة الأسد في الحيوان المفترس غاية الأمر لا يبني العرف على حجّيّته بسبب قرينة الكلام الثاني. ورفع اليد عن حجّيّة ظهور الكلام الأول لأجل القرينة المنفصلة هو عبارة عن الجمع العرفي.
٤ ـ عرفنا ان إعداد الكلام الثاني لتفسير الكلام الأول تارة يكون إعدادا شخصيّا يقوم به شخص المتكلم ، واخرى يكون إعدادا نوعيّا عرفيّا لا يختص
__________________
(١) المقصود هو الظهور التصديقي الأول ولا يهمّنا الآن الظهور التصديقي الثاني