وبالجملة هل تلحظ النسبة بين الدليلين الأولين قبل انقلابها إلى نسبة العموم والخصوص المطلق أو تلحظ بعد انقلابها إلى نسبة العموم والخصوص المطلق؟
ويمكن طرح هذا التساؤل بشكل ثان : انّ النسبة التي يراد الحصول عليها بين الدليل الأوّل والثاني ـ كنسبة الأخصية أو غيرها مثلا ـ هل تلحظ بين ظهوري الدليلين الأولين بما هما ظهوران أو تلحظ بين ظهورهما بالمقدار الذي يكونان حجّة فيه؟
فان كان المدار على الظهورين بما هما ظهوران فمعنى ذلك مراعاة النسبة بين الدليلين قبل انقلابها ، وان كان المدار على الظهورين بالمقدار الذي يكونان حجّة فيه فمعنى ذلك مراعاة النسبة بعد انقلابها فانّه بعد تخصيص الثالث للأوّل يصير ظهور الأوّل حجّة فيما عدا الفساق. إذن يوجد في هذه المسألة احتمالان.
ومن البديهي انّ الفتوى التي يفتي بها الفقيه تختلف باختلاف هذين الاحتمالين ، فانّه لو كان المدار على النسبة بعد الانقلاب فاللازم هو الحكم بعدم وجوب اكرام الفقير الفاسق ووجوب اكرام الفقير العادل.
امّا عدم وجوب اكرام الفقير الفاسق فللتمسك بالدليل الثالث الذي لا معارض له.
وامّا وجوب اكرام الفقير العادل فللدليل الأوّل ، فإنّه بعد تخصيصه بالثالث يصبح مضمونه هكذا : يجب اكرام الفقير العادل ، وهذا المضمون يخصص الدليل الثاني الذي يقول لا يجب اكرام الفقراء فتصبح نتيجة الدليل الثاني بعد تخصيصه بالدليل الأوّل هكذا : لا يجب اكرام الفقراء الفساق. هذا لو لا حظنا النسبة بعد الانقلاب.