القسم السابق فانّ مفهوم الفاسق كان معلوما لنا وهو عبارة عن فاعل الكبيرة مثلا بيد انا نشكّ انّ الفقير المشكوك هل هو فاعل للكبيرة أو لا.
إذن الشكّ في صدق الفاسق تارة يكون بنحو الشبهة المصداقية واخرى بنحو الشبهة المفهومية.
والحديث السابق كله كان يدور حول التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، والآن يقع الكلام في جواز التمسك بالعام في الشبهة المفهومية فالفقير المشكوك الذي نجزم بانّه فاعل للصغيرة دون الكبيرة هل يجوز التمسك بالعام لإثبات وجوب اكرامه أو لا؟ والصحيح : نعم يجوز التمسك بالعام.
والوجه في ذلك : انّ العام يقول كل فقير بما في ذلك مرتكب الصغيرة أو مرتكب الكبيرة يجب اكرامه ، وهو حجّة في مفاده هذا ولا ترفع اليد عنه إلاّ بحجّة أقوى وهي الخاص ، وحيث انّ عنوان الفاسق الوارد في الخاص لا يجزم بانطباقه على مرتكب الصغيرة فلا يكون ـ أي الخاص ـ حجّة في مقابل العام وانّما يكون حجّة في خصوص مرتكب الكبيرة وترفع اليد عن العام في خصوص مرتكب الكبيرة.
ان قيل : ما الفارق بين هذا القسم والقسم السابق ، ولماذا لا نطبق البيان المذكور في القسم السابق على هذا القسم أيضا؟
قلت : انّه قبل ورود الخاص كان الدخيل في وجوب الاكرام هو الفقير لا غير ، وبعد ورود الخاص صار المدار في وجوب الاكرام على الفقر وعدم الفسق. وحينما نقول بدخالة عدم الفسق في وجوب الاكرام فليس المقصود دخالة لفظ عدم الفسق والتسمية باسمه ، فانّ من الواضح انّ الالفاظ لا مدخلية