إذن التعارض يتحقق بين منطوق كل جملة وإطلاق مفهوم الجملة الثانية. أمّا بين نفس المنطوقين فلا تعارض ، إذ منطوق الاولى يدل على انّ خفاء الاذان موجب للتقصير بدون ان ينفي عليّة خفاء الجدران للتقصير ، وهكذا منطوق الجملة الثانية يدل على انّ خفاء الجدران موجب للتقصير بدون ان ينفي عليّة خفاء الاذان للتقصير.
وما دام التعارض متحققا بين منطوق كل واحدة ومفهوم الاخرى فما هو الوجه في حلّ التعارض المذكور؟
قد يقال بانّ المنطوق مقدم على المفهوم فيؤخذ بمنطوق كلتا الجملتين ويهجر مفهومهما ، ونتيجة الأخذ بالمنطوقين انّ للتقصير احدى علتين : خفاء الاذان ، خفاء الجدران ، فمتى ما تحقق واحد منهما وجب التقصير.
امّا لماذا يقدم منطوق كل واحدة على مفهوم الاخرى؟ انّ ذلك لاحدى نكتتين : ـ
أ ـ انّ المنطوق حيث انّه اقوى وأظهر من المفهوم فيقدم عليه.
ب ـ انّ منطوق كل واحدة حيث انّه أخص من المفهوم فيقدم عليه من باب الأخصية.
والوجه في أخصية المنطوق : انّ اطلاق مفهوم الجملة الثانية مثلا يقول انّ الجدران إذا لم تخف فلا يجب التقصير ، وهذا مطلق يشمل صورة خفاء الاذان وعدمه بينما منطوق الجملة الاولى يقول إذا خفي الاذان فقصر ، وحيث انّ هذا أخص فيقدم بالاخصية.
وكلتا النكتتين قابلة للتأمل.