امّا الوجه في تقدمه في صورة الاتصال فواضح ، إذ مع الاتصال لا ينعقد للمطلق ـ وهو كلمة فقير في « اكرم فقيرا » ـ ظهور في الاطلاق أصلا ، لأنّ شرط انعقاد الاطلاق عدم القرينة المتصلة على التقييد ، وواضح انّ دليل لا تكرم كل فاسق الذي فرض اتصاله بالأوّل صالح لان يكون قرينة متصلة على التقييد.
وأمّا الوجه في تقدمه في صورة الانفصال فلانّ المطلق وان انعقد ظهوره في الاطلاق ـ لفرض انّ القرينة منفصلة والقرينة المنفصلة لا تمنع من انعقاد الاطلاق ـ إلاّ انّ الدليل الثاني الذي فرض دلالته بالوضع يقدم على الدليل الأوّل من جهة اقوائية ظهوره بالقياس الى ظهور المطلق فان الظهور الناشيء من الوضع اقوى من الظهور الناشيء من الاطلاق ، والعرف يجمع بين الدليلين المختلفين في درجة الظهور بتقديم الأقوى ظهورا.
هذا كله لو كانت دلالة أحد الدليلين تستند إلى الوضع ودلالة الآخر تستند إلى مقدمات الحكمة.
امّا لو كان كلا الدليلين يستند إلى الوضع أو إلى مقدمات الحكمة ـ كما لو قيل اكرم فقيرا ولا تكرم الفاسق بناء على انّ كلمة الفاسق التي هي اسم جنس محلى بالالف واللام لم توضع للعموم وانّما يستفاد العموم منها بواسطة مقدمات الحكمة ـ فما هو المقدم؟
قيل بانّ الدليلين متكافئان ويتساقطان في مادة المعارضة وهي الفقير الفاسق ويرجع إلى ما تقتضيه الاصول العملية.
وقيل بانّ الدليل الشمولي ـ أي دليل لا تكرم الفاسق ـ هو المقدم. ويمكن انّ تذكر ثلاثة وجوه في نكتة تقدمه : ـ