إذ كما انّ الامارة توجب العلم كذلك الاستصحاب يوجب العلم.
وأجاب : السيد الخوئي ( دام ظله ) عن الاشكال المذكور بانّ الامارة والاستصحاب وان كانا يشتركان في كون المجعول في كليهما هو العلمية إلاّ انّه يبقى اختلاف بينهما في ناحية اخرى ، وهي انّ الاستصحاب أخذ في موضوعه الشكّ حيث قيل لا تنقض اليقين بالشكّ بينما دليل الامارة لم يؤخذ في موضوعه الشكّ ـ فمفهوم آية النبأ مثلا يقول وان جاء العادل فلا تتبينوا من دون أخذ كلمة الشكّ وعدم العلم ـ بل يمكن ان يقال انّ مقتضى اطلاق دليل حجّية الامارة ثبوت الحجّية للامارة حتى في حالة العلم بمخالفتها للواقع ، غاية الأمر ان العقل يحكم بلزوم خروج حالة العلم بالخلاف من دليل حجّية الامارة لعدم إمكان ثبوت الحجّية لها حالة العلم بمخالفتها للواقع ، فالخارج ليس هو إلاّ حالة العلم الوجداني بالخلاف وامّا حالة العلم التعبدي بالخلاف الحاصلة بسبب جريان الاستصحاب فهي باقية تحت دليل حجّية الامارة.
وبالجملة انّ عنوان الشكّ لم يؤخذ في موضوع دليل حجّية الامارة بينما أخذ في موضوع دليل الاستصحاب.
ويترتب على هذا الفارق انّ الامارة هي الحاكمة على الاستصحاب لانّه بقيامها يحصل العلم ويرتفع عنوان الشكّ الذي اخذ في موضوع دليل الاستصحاب بينما جريان الاستصحاب لا يرفع موضوع الامارة لانّ موضوعها لم يقيد بالشكّ ليرتفع بالاستصحاب (١).
__________________
(١) وقد مرت الاشارة إلى هذه النكتة أوائل الحلقة ص ١٢.