منها نكتة تقدم الخاص على العام ، فانّ نكتة تقدم « لا تكرم العالم الفاسق » على دليل « اكرم العلماء » مثلا هو انّه لو قدّم العام وحكم بوجوب اكرام كل عالم بما في ذلك الفاسق لزم الغاء الخاص بشكل كليّ وعدم بقاء مورد له يمكن العمل به فيه ، وهذا بخلاف ما لو قدم الخاص فانّه لا يلزم منه إلغاء العام راسا بل يبقى له مورد وهو العلماء العدول.
انّ نفس هذا البيان يجري في مقامنا ، فانّ الامارة حينما تقوم في مورد فحتما يوجد أصل يجري معها امّا موافق لها أو مخالف ، إذ لا يمكن خلو مورد من الموارد من أصل من الاصول العملية.
وإذا كانت الامارة مقترنة بالأصل دائما فنقول : انّ الامارة لو كانت حجّيتها تختص بصورة كون الأصل موافقا لها فهذا معناه إلغاء دليل حجّية الامارة راسا ، إذ في مورد الأصل الموافق للامارة يكون العمل في الحقيقة بالأصل لا بالامارة ، فانّ الثقة لو اخبر بحليّة التدخين فإذا حكمنا بالحلية لم يكن الحكم المذكور مستندا إلى خبر الثقة ، إذ حتى لو لم يخبر الثقة بذلك كنا نحكم بذلك استنادا إلى البراءة.
إذن انحصار حجّية الامارة بمورد موافقتها للأصل هو بمثابة الغائها في الحقيقة ، ومن هنا لو سمعنا شخصا يحكم بان الامارة لا تكون حجّة إلاّ إذا كانت موافقة للاصل لاستغربنا ولقلنا له انّ هذا معناه عدم حجّيتها إذ عند موافقها للأصل يكون الاستناد بحسب الحقيقة إلى الأصل.
وعليه فالامارة عند اجتماعها بالاصل المخالف لها لا بدّ وان تكون هي