المتقدّم إلاّ أنّه مع ذلك لا يمكن عدّها من المرجّحات ، إذ إنّ كلامنا في مرجّحات إحدى الحجّتين على الحجّة الاخرى لا في مسقطات إحدى الروايتين عن الحجّية.
توضيح ذلك : انّ الرواية إذا كانت مشهورة وينقلها كثير من الرواة فذلك ممّا يوجب الاطمئنان بصدورها بل القطع وبذلك تسقط الرواية الاخرى غير المشهورة عن الحجّية ، فإنّ شرط حجّية الرواية فيما إذا كانت ظنيّة الصدور عدم معارضتها بنقل نص قطعي الصدور فيما إذا كانت المعارضة مستقرة ـ كما تقدّمت الإشارة إلى ذلك ص ٣٨١ ـ ٣٨٩ من الحلقة تحت عنوان روايات العرض على الكتاب.
إذن الشهرة وإن كانت من مرجّحات الرواية إلاّ أنّها ليست من مرجّحات حجّة على حجّة بل موجبة لسقوط الرواية غير المشهورة عن الحجّية ، وكلامنا في المرجّح دون المسقط.
أجل لو فرض انّ الشهرة لم تكن بمعنى اشتهار نقل الرواية بل بمعنى اشتهار الفتوى على طبقها بين العلماء فهي لا توجب الاطمئنان أو القطع بصدور الرواية ، ولكن الظاهر انّ المقصود من الشهرة هو شهرة الرواية من حيث نقلها لا شهرة العمل بها لأنّ الشهرة لم تنسب في المقبولة إلى العمل بل إلى نفس الرواية.
إن قلت : انّ الشهرة إذا كانت موجبة للقطع بصدور الرواية فمن المناسب ذكرها في المقبولة أوّل المرجّحات والحال انّ الإمام عليهالسلام عدّ أوّل المرجّحات صفات الراوي وهي الأعدلية وأخواتها وعدّ ثاني المرجّحات الشهرة ، وهذا ليس مناسبا لأنّ اعمال الإمام عليهالسلام للترجيح بصفات الراوي في المرحلة الاولى يدلّ على أنّه عليهالسلام قد فرض كلتا الروايتين حجّة وأراد ترجيح إحداهما على الاخرى بالأوثقية وأخواتها ، ومن الواضح انّ هذا ـ أي فرض كلتا الروايتين