التعارض بينهما ، إذ الاولى تحكم بلزوم التخيير وترفض إعمال المرجحات بينما الثانية تقتضي العكس.
فبينما هي تريد علاج التعارض بين الروايات نجد ابتلائها هي في نفسها بالتعارض فهي كما قلنا سابقا أشبه بطبيب يداوي الناس وهو عليل.
ومن هنا يقع التسأوّل عن كيفية علاجها ورفع التعارض الواقع فيما بينها.
واختار الشيخ الآخوند في العلاج حمل روايات الترجيح على الاستحباب فقال انّ روايات الترجيح تدل على أنّ إعمال المرجّحات شيء مستحسن وليس بلازم ، وهذا لا ينافي التخيير الذي حكمت به روايات التخيير. واستشهد على ما ذكره بعدّة قرائن من جملتها انّ الروايات التي تذكر المرجّحات اختلفت في عدد المرجّحات فبعضها يذكر أربعة مرجّحات وبعضها يذكر أقل من ذلك ، وهكذا تختلف في كيفية ترتيب المرجّحات ، فبعضها يقدّم هذا ويؤخر ذاك وبعضها يقدّم ويؤخر بالعكس ، وهذا الاختلاف في الكم والكيف شاهد صدق على أنّ إعمال المرجّحات شيء مستحب وليس بواجب. هذا ما ذكره الآخوند.
ويردّه : انّ حمل الأحكام الإرشادية على الاستحباب شيء مرفوض عرفا وإنّما القابل لذلك هو الأحكام التكليفية ، فمثلا لو قال أحد الدليلين لا بأس بشرب العصير العنبي المغلي وقال الدليل الآخر العصير العنبي نجس فلا يقبل العرف حمل الدليل الثاني على استحباب النجاسة ، فإنّ النجاسة لا معنى لحملها على الاستحباب ، وهذا بخلاف ما لو كان الدليل الثاني يقول لا تشرب العصير العنبي ، فانّه لا يأبى عن حمله على كراهة شرب العصير. وهكذا الحال في المقام ، فإنّ روايات الترجيح التي تأمر بالأخذ بالخبر الموافق للكتاب أو المخالف للعامة