على ذلك بأنّ ظاهر أخبار العلاج تحيّر السائل عند مواجهته للخبرين المتعارضين ، فانظر إلى قول زرارة في مرفوعته : « يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيّهما آخذ » ، إنّ تعبيره هذا واضح في تحيّره ، ومعلوم أنّه في موارد العام والخاص التي يجمع فيها العرف بالتخصيص لا تحيّر للعرف بل يخصّص العام بالخاصّ ، وهذا قرينة واضحة على اختصاص اخبار العلاج بالمتعارضين اللذين يتحيّر العرف اتجاههما ، ولا يكون ذلك إلاّ في موارد التعارض المستقر كالمتباينين أو العام والخاص من وجه.
هذا ولكن الأولى الاستشهاد على اختصاص اخبار العلاج بموارد التعارض المستقر ببيان آخر (١) حاصله : انّه لو رجعنا إلى رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله التي تقول : « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فردّوه ... » (٢) لاستفدنا منها انّ الخبر لا يسقط عن الحجّية بمجرّد مخالفته للقرآن الكريم فلو لا وجود الخبر الثاني المعارض له لكان من اللازم الأخذ به وإنّما الذي أوجب التوقّف عن الأخذ
__________________
(١) إذ البيان السابق يمكن التأمّل فيه من ناحية أنّه في موارد التعارض غير المستقر وإن كان لا تحيّر للعرف اتجاه المتعارضين حيث يجمع بينهما بالتخصيص مثلا إلاّ أنّ السائل كزرارة يحتمل عدم رضا الشارع بطريقة الجمع العرفي ولذلك سأل عن الموقف الشرعي.
هذا مضافا إلى أنّ بعض الروايات لم يسأل فيها الراوي عن حكم المتعارضين ليقال بأنّ سؤاله ظاهر في التحيّر بل ابتدأ الإمام عليهالسلام ببيان حكم المتعارضين وتقديم الموافق أو المخالف كما هو الحال في الرواية الاولى أي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله.
(٢) عدم الاستشهاد بالرواية الثانية والثالثة يتّضح من خلال مراجعتهما.