اليقين ، وبعد قيام الامارة على طهارة الثوب تحصل ببركة دليل حجّية الامارة على يقين تعبّدي بالطهارة ، وبذلك يتّسع موضوع اليقين المأخوذ في حديث لا تنقض ، فبعد أن كان اليقين منحصرا بفرد واحد وهو اليقين الوجداني يصبح شاملا لفرد ثان وهو اليقين التعبّدي الحاصل من طريق الامارة. واتّساع الموضوع هذا هو ما يعبّر عنه بالحكومة فإنّها تعني كون أحد الدليلين موجبا لتوسعة أو تضييق موضوع الدليل الآخر تعبّدا.
وفيه : إنّا حتّى لو سلّمنا بمسلك جعل العلمية فلا نسلّم بحكومة دليل حجّة الامارة على دليل الاستصحاب فإنّ اليقين المأخوذ في دليل الاستصحاب يقين موضوعي ـ أي هو مأخوذ في موضوع الاستصحاب حيث قيل لا تنقض اليقين .. ودليل حجّية الامارة لا ينزل الامارة منزلة العلم بكلا قسميه بل ينزله منزلة العلم الطريقي فقط دون الموضوعي (١) إذ المدرك لحجّية خبر الثقة هو السيرة العقلائية ، والعقلاء حينما يعتبرون خبر الثقة علما وينزلونه منزلة العلم فمقصودهم تنزيله منزلة العلم الطريقي في المنجزية والمعذرية لا تنزيله منزلة العلم الموضوعي ، إذ العلم الموضوعي لا تداول له في حياة العقلاء ولم نجد حتّى مثالا
__________________
(١) العلم الطريقي هو العلم الذي لا يؤخذ في موضوع الحكم وإنّما دوره دور الطريق إلى الواقع فينجز عند الإصابة ويعذّر عند الخطأ ، فمثلا إذا كان لدينا سائل هو خمر في الواقع ولكن لم نعلم بذلك فهو حرام واقعا ، غاية الأمر حيث لا نعلم بحرمته فلا تكون حرمته منجزة أي لا نستحق العقوبة لو تناولناه.
وأمّا العلم الموضوعي فهو العلم المأخوذ في موضوع الحكم ومن دونه حصوله لا يكون الحكم ثابتا واقعا لا أنّه ثابت ولكنّه غير منجز. ومثاله اليقين المأخوذ في باب الاستصحاب فإنّه من دونه لا يجري الاستصحاب واقعا