شذوذهم عن هذه السيرة وعدم البناء عليها معناه أنّ هذه الصغرى والمصداق لم يتحقّق بالنسبة إليهم ، فإذا لم تتحقّق الصغرى فلا يمكن تطبيق الكبرى ؛ إذ من الواضح أنّه مع عدم تحقّق الموضوع لا معنى لفرض تحقّق الحكم وإلزامهم بالعمل به ، بل يكون منتفيا لانتفاء موضوعه.
فمثلا إذا شذّ بعض المتعاملين عن السيرة القائلة باشتراط عدم الغبن في المعاملة ورضيا فيما بينهم على القبول بالمعاملة حتّى وإن كانت غبنيّة وإن لم يصرّحا بذلك ، فإنّ هذا معناه عدم ثبوت خيار الغبن لأي منهما ؛ لأنّهما قد رضيا بالغبن. وهذا معناه أنّه لا يوجد شرط ولو ضمنا لأحدهما بالخيار عند ظهور الغبن ، بل الشرط على خلاف ذلك ، أي أنّهما اشترطا ضمنا عدم الفسخ وقبول المعاملة وإن ظهر الغبن فيها ، وهذا بمثابة إسقاط للخيار أو بمثابة عدم الاشتراط الضمني فلا يشمله « المؤمنون عند شروطهم » ؛ لأنّ الحكم الشرعي الذي يوجب الوفاء بالشروط سواء الصريحة أو الضمنيّة لا يمكن تطبيقه في المقام ؛ لأنّ صغراه وهي وجود الشرط غير متحقّقة ؛ لأنّ الشرط قد ألغي ببنائهم على قبول المعاملة مطلقا أو صار هناك شرط آخر وهو إسقاط الخيار وإن ظهر الغبن فيما بعد ، وبالتالي لا يمكن إلزامهما بفسخ المعاملة إذا رضيا بها إذ لا موضوع لذلك.
* * *