كان المنتفي هو الصرف لكان معناه أنّ المنتفي هو فرد من أفرادها وهذا لا فائدة منه كما تقدّم ، بل المراد انتفاء الطبيعة بما هي هي من دون لحاظ شيء آخر عليها.
وإذا ثبتت دلالة الجملة في مرحلة المدلول التصوّري على النسبة التوقّفية والالتصاقيّة ثبت المفهوم ، ولو لم يثبت كون الشرط علّة للجزاء أو جزء علّة له ، بل ولو لم يثبت اللزوم إطلاقا وكان التوقّف لمجرّد صدفة.
فإذا تمّ هذان الأمران كان للجملة مفهوم على مستوى المدلول التصوّري الوضعي ، ولا نحتاج إلى المرحلة الإثباتيّة لإثبات أنّ الشرط علّة تامّة أو جزء العلّة التامّة للجزاء كما هو مسلك المشهور ، بل ما دامت الجملة دالّة تصوّرا على التوقّف والالتصاق بنحو المعنى الحرفي يثبت المفهوم ، وإن كان الجزاء متفرّعا على الشرط لمجرّد الصدفة المحضة ولم يكن بينهما علّة انحصاريّة أو علّة تامّة أو جزء علّة أو حتّى لزوم أيضا. فإذا قيل : ( إذا جاء الأستاذ كانت الساعة التاسعة ) وكان هناك توقّف بينهما ولو صدفة كفى ذلك في استفادة المفهوم وأنّه لا تكون الساعة التاسعة إذا لم يأت.
وأمّا على مستوى المدلول التصديقي للجملة ، فقد تكشف الجملة في هذه المرحلة عن معنى يبرهن على أنّ الشرط علّة منحصرة أو جزء علّة منحصرة للجزاء ، وبذلك يثبت المفهوم.
وأمّا المقام الثاني : وهو إثبات المفهوم على مستوى المدلول التصديقي للجملة في المراد الجدّي ، فإذا أخذنا الجملة الشرطيّة كمثال : ( إذا جاءك زيد فأكرمه ) ، وقلنا : إنّ المدلول التصوّري الوضعي ليس هو النسبة التوقّفية ، بل كان النسبة الاستلزاميّة أو الإيجاديّة ، فمع ذلك يمكن أن يدّعى استفادة المفهوم أي الانتفاء عند الانتفاء على أساس وجود دلالة إثباتيّة تصديقيّة كما سيأتي بيانه مفصّلا عند الكلام في الجمل
الشرطيّة ، وإن كان الصحيح عدم تماميّة شيء ممّا ذكر ، ولكن مع ذلك نقول : قد يدّعى وجود دلالة إثباتيّة لإفادة أنّ الشرط علّة منحصرة للجزاء أو جزء علّة منحصرة ، فإذا ثبت كون الجزاء علّة تامّة منحصرة مثلا كان معنى ذلك أنّ الجزاء يتوقّف وجوده على الشرط ، فإذا عدم الشرط انعدم الجزاء أيضا ، فثبت المفهوم.
وإثبات العلّيّة الانحصاريّة في الشرط يتوقّف على أدلّة وبراهين منها :
وهذا من قبيل المحاولة الهادفة لإثبات المفهوم تمسّكا بالإطلاق الأحوالي للشرط