وهذا الارتكاز لا يمكن الكشف عنه إلا من قبل القدماء المتصلين بأصحاب الأئمّة ورواة الحديث والمتشرّعة المعاصرين ، لأنّ أي إجماع آخر من غير هؤلاء لا يكون كاشفا عن الوسيط المذكور إلا إذا ثبت كون هذا الإجماع قد انعقد في زمان العلماء القدماء أيضا ؛ إذ لو كان القدماء مخالفين لإجماع المتأخرين لم يكن إجماع المتأخرين حجّة ، لأنّه لا يكون كاشفا عن الارتكاز ، إذ كيف يثبت الارتكاز والحال أنّ قسما من المتشرّعة وعلى رأسهم العلماء المتقدمين لم يعملوا به ، ولم يعتقدوا وجوده؟!
فالعلماء المتقدمون المتصلون بعصر النص أو بالأصحاب أو بالمتشرعة من رواة الأحاديث وغيرهم الذين عاصروا الأئمّة عليهمالسلام هم الذين يمكن أن يكشفوا عن هذا الارتكاز دون غيرهم من الفقهاء المتأخرين إلا إذا ثبت موافقة القدماء لهم ، وبالتالي يرجع الأمر إلى القدماء.
الثاني : ألا يكون المجمعون أو جملة معتدّ بها منهم قد صرحوا بمدرك محدد لهم ، بل ألا يكون هناك مدرك معين من المحتمل استناد المجمعين إليه ، وإلا كان المهم تقييم ذلك المدرك. نعم ، في هذه الحالة قد يشكّل استناد المجمعين إلى المدرك المعين قوّة فيه ويكمل ما يبدو من نقصه.
الثاني : ألا يكون هناك مدرك للإجماع ولو احتمالا ، فهنا مطلبان :
١ ـ ألا يكون هناك مدرك للإجماع إذ لو كان للإجماع مدرك استندوا إليه وصرحوا بوجوده سواء كان آية أو رواية أو دليلا عقليا فحينئذ لا يكون الإجماع حجّة ، إذ لا يكون كاشفا عن هذا الوسيط الكاشف عن الدليل الشرعي ، حيث تقدّم إنّ الإجماع إنّما يكون حجّة فيما إذا كان كاشفا عن الوسيط أي الارتكاز ، فإذا لم يكن كاشفا عنه لم يكن حجّة ، لأنّه ليس حجّة بذاته لا وجدانا ولا تعبدا. وعليه ، فيجب الرجوع إلى هذا المدرك ليرى أنّه تام سندا ودلالة وجهة أو لا.
فإذا كان تامّا أخذ به وإلا فلا. وهذا ما يسمّى بالإجماع المدركي.
٢ ـ الا يكون هناك احتمال لوجود مدرك قد استندوا إليه في إجماعهم ، فإنّه إذا كنّا نحتمل وجود المدرك احتمالا معتدا به ، فحينئذ لا نقطع بأنّ الإجماع كاشف عن الوسيط والارتكاز ، وبالتالي لا يكون كاشفا عن الدليل الشرعي. نعم ، يبقى هناك ظن بذلك إلا أنّ الظن ما لم يقم الدليل الشرعي للتعبد به لا يمكن التعويل عليه ، كما