هو الحال هنا ، فإنّ الإجماع ليس دليلا تعبديّا فلا يؤخذ به إلا إذا كان كاشفا عن الارتكاز ، فإنّ لم يكن كاشفا عنه ولو احتمالا فلا يؤخذ به.
نعم ، قد يشكّل استناد المجمعين إلى هذا المدرك الذي صرحوا به أو المحتمل قوّة في سند أو دلالة الدليل بحيث يكون تعويلهم عليه جابرا لضعف سنده إن كان فيه ضعف ولو احتمالا ، ويكون فهمهم عاضدا للدلالة وإن لم يكن مستظهرا منها بالنسبة إلينا ، لأنّ هذا الفهم الخاص يكشف عن أنّه توجد قرائن وشواهد غابت علينا ؛ لكنّهم فهموا من لحن أو من بعض الأجواء الخاصّة ، أو أنّهم استوحوها من خلال قربهم من عصر النص والرواة.
ومن هنا يقال إن عمل الأصحاب برواية جابر لضعفها سندا ودلالة.
ومثال ذلك : أن يثبت فهم معنى معين للرواية من قبل كل الفقهاء المتقدمين القريبين من عصر تلك الرواية ، والمتاخمين لها ، فإنّ ذلك قد يقضي على التشكيك المعاصر في ظهورها في ذلك المعنى نظرا لقرب أولئك من عصر النص وإحاطتهم بكثير من الظروف المحجوبة عنا.
مثال ذلك : أنّ الفقهاء القدماء المعاصرين لرواة الحديث والقريبين من عصر النص جدا إذا فهموا من الرواية معنى معين لم يكن ظاهرا منها ، أو كان هناك معنى آخر أظهر من المعنى الذي فهموها كان فهمهم هذا مرجحا على فهم الفقهاء المتأخرين في حالة التعارض بينهما ، ويكون هذا الفهم قاضيا على كل التشكيكات التي تأتي فيما بعد في صحّة هذا المعنى الذي استظهروه من الرواية ، وذلك لأنّ قربهم من عصر النص واتصالهم بحملة الحديث ومتاخمتهم من عصر صدور الرواية يعتبر مرجحا لفهمهم ؛ إذ قد يكونوا قد عولوا على قرائن وشواهد خفيت علينا نتيجة ابتعادنا عن عصر النص بحيث كانت هذه القرائن غير لفظية وإلا لنقلت إلينا كما هو مقتضى الأمانة والوثاقة للراوي ، فإذا لم ينقل إلينا شيء ومع ذلك فهم المتقدمون من الرواية شيئا مغايرا لما فهمناه منها كان معنى ذلك أنّه توجد قرائن حالية أو مقامية أو ظروف معينة قد اطلع عليها القدماء ، ولكنّها حجبت عنا نتيجة بعض الملابسات والظروف.
الثالث : ألا توجد قرائن عكسية تدلّ على أنّه في عصر الرواة والمتشرّعة المعاصرين للأئمّة عليهمالسلام لا يوجد ذلك الارتكاز والرؤية الواضحة اللذان