أنّه اجتماع عدد يمتنع تواطؤهم على الكذب ) بحيث يكون هذا العدد من الرواة مفيدا للعلم الشامل للاطمئنان أيضا ، فإذا تحقّق هذا العدد كان هناك تواتر وعلم وإلا فلا ، فهذا معناه أنّ الشهرة الروائية التي هي دون التواتر سوف تكون موجبة للظن أي أنّ الرواة لا يفيد عددهم العلم والاطمئنان ، بل غاية ما يفيده الظن فقط.
وحينئذ تخرج الشهرة الروائيّة بهذا المعنى عن موضوع بحثنا ، لأنّنا نبحث عن وسائل الإحراز الوجداني للدليل الشرعي ، وهذه الوسائل المطلوب منها إفادة العلم ولو بنحو يشمل الاطمئنان الذي هو علم عرفا. وأمّا الظن فهو بنفسه ليس حجّة ، بل يحتاج إلى ثبوت التعبد الشرعي للعمل به ، وهذه معناه دخول الشهرة بهذا المعنى في وسائل الإحراز التعبّدي للدليل الشرعي ، فيبحث حول وجود دليل شرعي يفيد التعبد بالظن الناشئ من الشهرة أو عدم ذلك.
وأمّا إذا حدّدنا التواتر تحديدا استقرائيا على أساس حساب الاحتمالات كما هو الصحيح ، فلا بدّ من تقييم القرائن الاحتماليّة وتجميع قيمها ليرى أنّها تفيد العلم وتزيل احتمال الخلاف مع ضمّ المضعف الكيفي إلى ذلك أم لا؟
وهذا معناه أنّ الشهرة قد تفيد العلم وقد لا تفيده ، فترتبط حجيّتها بمقدار القيم الاحتماليّة المتراكمة عندنا ، وحيث إنّ هذه القيم الاحتماليّة متعارضة فيما بينها لوجود قيم احتمالية على الخلاف أيضا في الطرف المقابل للمشهور فسوف لا تكون الشهرة مفيدة للعلم أو الاطمئنان وبالتالي لا تكون حجّة.
وإذا حددنا الإجماع تحديدا كيفيّا بتعدّد المفتين إلى درجة موجبة للعلم ـ ولو بمعنى يشمل الاطمئنان ـ فسوف لا تتجاوز الشهرة في الفتوى ـ التي فرض أن تكون دون الإجماع ـ درجة الظن بالدليل الشرعي ، وهو ليس كافيا ما لم يقم دليل على التعبد بحجيّته.
وأمّا الشهرة الفتوائيّة : فإذا حددنا الإجماع تحديدا كيفيّا من أنّه إجماع الفقهاء على الفتوى بحيث يكون هذا الإجماع مفيدا للعلم أو الاطمئنان سواء كان من جميع الفقهاء أو من أغلبهم ، فهذا معناه أنّ الشهرة في الفتوى والتي هي دون الإجماع سوف تكون مفيدة للظن فقط ؛ لأنّ الاجماع إذا كان مفيدا للعلم أو الاطمئنان فما يكون دونه درجة يكون مفيدا للظن.