الطائفة الأولى : الأخبار التي استدل بها على حجيّة خبر الواحد ، الواردة بلسان التصديق الواقعي ببعض أخبار الثقات ، أي الشهادة من المعصوم على أنّ هذه الأخبار التي رواها بعض الثقات واقعيّة وصادرة عن المعصومين عليهمالسلام ، ومن أمثلة هذه الطائفة :
ما ورد عن العسكري عليهالسلام حينما عرض عليه كتاب ( يوم وليلة ) ليونس بن عبد الرحمن فأثنى عليه بقوله : « هذا ديني... وهو الحق » وهذا الإطراء منه والشهادة بصدقه معناه أنّ يونس ثقة وصادق في إخباراته وهذا معناه أنّ كل ثقة يكون صادقا ويجب العمل بخبره.
إلا أنّ الصحيح عدم تماميّة الاستدلال بهذا النحو من الروايات لأنّها :
أوّلا : لا تدلّ على أكثر من كون يونس بن عبد الرحمن ثقة ، وأنّه لا يقول إلا الحق والصادر عنهم ، فهي واقعة وقضيّة تكوينية خارجية مشخصة لا إطلاق فيها لعموم الثقات أو لكل خبر واحد.
وثانيا : أنّها إخبار عن كون ما في هذا الكتاب صادرا واقعا وأن الراوي ثقة وعدل ، وهذا يعني أنّنا نعمل بما ذكره يونس لا من باب كونه ثقة وعدلا قد جعلت له الحجيّة ، وإنّما من باب شهادة الإمام بأنّها واقعيّة وهذا معناه أنّها أصبحت يقينية فيعمل بها من باب العلم بصدورها لا من باب كونها حجة تعبّدا وما نريده هو إثبات حجيّتها التعبديّة سواء علم بصدورها أم لا. وهو خلاف صريح هذا اللسان.
الطائفة الثانية : ما تضمّن الحثّ على تحمّل الحديث وحفظه ، من قبيل قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من حفظ على أمتي أربعين حديثا بعثه الله فقيها عالما يوم القيامة ».
وهذا لا يدلّ على الحجيّة أيضا ، إذ لا شكّ في أنّ تحمّل الحديث وحفظه من أهم المستحبات ، بل من الواجبات الكفائية لتوقف حفظ الشريعة عليه ، ولا يلزم من ذلك وجوب القبول تعبدا مع الشك. ومثل ذلك ما دلّ على الثناء على المحدّثين أو الأمر بحفظ الكتب والترغيب في الكتابة.
الطائفة الثانية : من الأخبار ما ورد بلسان الحثّ على تحمّل الحديث وحفظه ونقله للآخرين ، كالنبوي المشهور : « من حفظ على أمتي... بعثه الله عالما فقيها... ».