والتقريع لأنّه طرح ما هو حجّة شرعا وما يجب العمل والالتزام به وتصديقه.
وفيه : أنّ هذه الطائفة من الروايات أجنبية عن مقامنا لأنّها بصدد بيان أنّ من يطرح الأخبار لمجرّد إعمال الرأي والاستحسان ، ولمجرّد عدم موافقتها لذوقه وطبعه يكون بذلك قد عمل بهواه ورأيه وترك السنّة والجادة القويمة فيكون من قبيل الاجتهاد مقابل النّص ؛ إذ بطرحه للأخبار لمجرّد عدم استحسانه لها يكون قد طرح ما هو ثابت واقعا وصادر عنهم وبالتالي يكون قد استخفّ بهم فيخرج من ولايتهم كما ورد في ذيل ذلك الخبر.
وهذا أمر آخر غير الحجيّة التعبديّة للخبر ، إذ حتّى لو كانت الحجيّة غير ثابتة للخبر شرعا فلا ينبغي لمن ينقل إليه الخبر أن يطرحه ابتداء وتشفيا لمجرّد عدم موافقته لطبعه ، بل يجب عليه التريّث والفحص والتثبت فإنّ حصل ما يوجب كذبه طرحه وإن حصل ما يطمأن معه بصدوره أخذ به ، وإن بقي شاكا ومتحيرا يقف ولا يحكم بصدقه ولا كذبه ، ويرجئه حتّى يعلم فيما بعد ، فطرحه للخبر بالنحو المذكور يستحق الذم واللوم لأنّه قد خالف ما يجب فعله عليه.
مضافا إلى أنّ تكفير من دان بالعمل بهذا الخبر مستهجن وغريب ؛ إذ قد يكون الذي عمل به قد حصل له العلم بذلك فكيف يدان ويكفّر لمجرّد أن هذا السامع لم يوافق طبعه وذوقه ، فإنّ هذا الأمر لا ينبغي صدوره من الإنسان الملتزم والذي يطبّق أعماله وأحكامه طبق الموازين الشرعيّة ، فإنّ التكفير لا يجوز بحال خصوصا في مثل هذه الموارد ؛ لأنّه على الأقلّ يحتمل أن يكون الآخر معذورا في أخذه بالخبر والالتزام به حتّى وإن قطع السامع بأنّه غير صادر منهم فإنّ ذلك حجّة عليه فقط دون غيره من الناس.
الطائفة الثامنة : ما ورد في الخبرين المتعارضين من الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامّة ، فلو لا أنّ خبر الواحد حجّة لما كان هناك معنى لفرض التعارض بين الخبرين وإعمال المرجحات بينهما.
ونلاحظ أنّ دليل الترجيح هذا يناسب الحديثين القطعيين صدورا إذا تعارضا ، فلا يتوقّف تعقّله على افتراض الحجيّة التعبديّة.
الطائفة الثامنة : من الأخبار ما ورد في مقام علاج التعارض بين الخبرين بتقديم