نعم ، لو كان هذا الإرجاع معلّلا ببيان الملاك والضابط الذي على أساسه كان هذا الإرجاع بأن قال : لأنهم ثقات أو عدول أو نحو ذلك لكانت لها دلالة على الحجيّة المطلوبة ، إلا أنّها ليست كذلك.
وحينئذ فكما يحتمل أن يكون الإرجاع لمجرّد كونهم ثقات فكذلك يحتمل أن يكون الإرجاع من أجل كونهم لا يكذبون أصلا ولا يحدّثون إلا بما هو صادر من المعصوم ، أو لأنّ إخبارهم كان يفيد العلم للسامع في أكثر الأحيان نتيجة علم الإمام بوثاقتهم وتدينهم ويقينه بصدقهم دائما ، وأنّ هذا الصدق يلازم حصول اليقين للسامع ، ومع هذا الاحتمال لا يمكن الاستدلال بها على الحجيّة التعبديّة حتّى إذا لم يفد قولهم العلم للسامع ، بل يمكن أن يكون مختصّا بما إذا استفاد السامع العلم منهم ، ولهذا أرجع الإمام إليهم.
الطائفة السابعة : ما دل على ذم من يطرح ما يسمعه من حديث
بمجرّد عدم قبول طبعه له ، من قبيل قوله عليهالسلام : « وأسوأهم عندي حالا وأمقتهم الذي يسمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يقبله اشمأزّ منه وجحده وكفّر من دان به ، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند ». إذ يقال : لو لا حجيّة الخبر لما استحق الطارح لهذا الذم.
والجواب : إنّه استحقه على الاعتماد على الذوق والرأي في طرح الرواية بدون تتبع وإعمال للموازين وعلى التسرّع بالنفي والإنكار مع أنّ مجرّد عدم الحجيّة لا يسوّغ الإنكار والتكفير.
الطائفة السابعة من الأخبار : ما ورد بلسان الذمّ والتقريع على من يسمع الحديث فيطرحه لمجرّد أنّه لم يوافق ذوقه ورأيه ولم يستحسنه ؛ إذ لعلّه يكون صادرا من عندهم فيكون بذلك قد طرح ما هو صحيح وثابت ، وبالتالي يكون قد استخفّ بما يروى عنهم لمجرّد إعمال رأيه وذوقه.
وهذا اللسان يدلّ على الحجيّة التعبديّة للخبر بتقريب أنّ الخبر إذا لم يكن حجّة شرعا لما كان يستحق هذا الشخص مثل هذا الذم والتقريع ، لأنّه مع عدم حجيّته يجب طرحه عرض الحائط ، كما ورد في بعض الأخبار فاستحقاقه للذمّ لمجرّد طرحه يلازم كون الخبر حجّة في نفسه ولذلك لمّا طرحه استحق هذا الذم واللوم