خبر الواحد حجّة مطلقا ، سواء أفاد العلم أم لا ، وهو معنى الحجيّة التعبديّة ، وجاء التحذير لئلا يقع الناس في الخطأ ومخالفة الواقع.
وفيه : أنّه لا دلالة أصلا في هذه الطائفة على المقصود ؛ لأنّها بصدد بيان أنّ الكذب في نفسه محرم وأنّ الاختلاق والوضع يوجب الخلود في النار ، وليست بصدد التعرض لكون قوله حجّة مطلقا أم لا.
مضافا إلى أنّ خبر الكاذب قد يوجب اقتناع السامع وتصديقه ووثوقه ، أو اطمئنانه بصدور هذا الخبر فيعمل به فيقع في مخالفة الواقع والمفسدة ، أو يكون خبر الكاذب في مجال العقائد وأصول الدين وهذا يؤدّي إلى تشويش اعتقاد السامع فيما لو احتمل أو ظنّ صدقه وهذا خطر كبير من الكذب فجاء التحذير منه.
والحاصل أنّه لا ملازمة بين تحذير الأئمّة عليهمالسلام من الكذب عليهم وبين كون الخبر حجّة مطلقا تعبدا ، بل قد يكون التحذير من الكذب لأجل أنّه يشكّل خطرا على معتقدات السامع فيما لو احتمل أو ظن أو وثق به.
الطائفة السادسة : ما ورد في الإرجاع إلى آحاد من أصحاب الأئمّة بدون إعطاء ضابطة كلية للإرجاع ، من قبيل إرجاع الإمام إلى زرارة بقوله : « إذا أردت حديثا فعليك بهذا الجالس » أو قول الإمام الهادي عليهالسلام : « فاسأل عنه عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، وأقرأه مني السلام ».
وروايات الإرجاع التي هي من هذا القبيل لمّا كانت غير متضمّنة للضابطة الكليّة فلا يمكن إثبات حجيّة خبر الثقة بها مطلقا حتّى في حالة احتمال تعمّد الكذب ؛ إذ من الممكن أن يكون إرجاع الإمام بنفسه معبّرا عن ثقته ويقينه بعدم تعمّد الكذب ما دام إرجاعا شخصيا غير معلّل.
الطائفة السادسة من الأخبار : ما ورد بلسان الإرجاع إلى بعض الرواة أو الثقات أو الأصحاب ، من قبيل الإرجاع إلى زرارة أو إلى عبد العظيم الحسني. فإنّ هذا الإرجاع معناه أنّ ما يحدّث به هؤلاء حجّة مطلقا ، سواء أفاد العلم أم لا ، وهو معنى الحجيّة التعبديّة.
وفيه : أنّ هذا الإرجاع لمّا لم يكن معلّلا ببيان الضابطة الكليّة العامّة التي من خلالها أرجع الإمام إلى هؤلاء فلا يمكن الاستدلال بها على الحجيّة التعبديّة.