ثمّ إنّ المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الكبير وهو أنّ عددا كبيرا من هذه الأخبار صادر عن المعصومين عليهمالسلام لا يزيد عن المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الصغير ضمن دائرة أخبار الثقات ، وذلك لأنّنا لو فرزنا أخبار الثقات من مجموع الأخبار في مختلف الأبواب الفقهية لكان المعلوم بالإجمال كونه صادرا من المعصومين موجودا فيها أيضا بحيث لا يبقى مجال لاحتمال صدور الأحكام في غيرها من أخبار الضعفاء وغيرهم ، فالشرط الثاني موجود.
والنتيجة هي أنّ المعلوم بالإجمال صدوره واقعا صار ضمن دائرة أخبار الثقات فقط فيكون منجّزا لها وموجبا للموافقة القطعيّة بالعمل على وفق أخبار الثقات وهو معنى الحجيّة.
وأمّا سائر الأخبار الأخرى فلا يعلم إجمالا بصدور بعض منها أو يشك شكا بدويا في كونها صادرة عنهم ، وفي مثل هذه الحالة تجري الأصول العمليّة الترخيصيّة كالبراءة ونحوها لإثبات المعذرية والترخيص.
فتحصّل أنّ العلم الإجمالي المستدلّ به تام ومنجّز ، وبه تثبت حجيّة أخبار الثقات.
الثاني : جواب حلّي ، وحاصله : أنّ تطبيق قانون تنجيز العلم الإجمالي لا يحقق الحجيّة بالمعنى المطلوب في المقام ، وذلك :
أوّلا : لأنّ هذا العلم لا يوجب لزوم العمل بالأخبار المتكفلة للأحكام الترخيصيّة ، لأنّ العلم الإجمالي إنّما يكون منجزا وملزما في حالة كونه علما إجماليا بالتكليف لا بالترخيص ، بينما الحجيّة المطلوبة هي حجيّة خبر الثقة بمعنى كونه منجزا إذا أنبأ عن التكليف ، ومعذّرا إذا أنبأ عن الترخيص.
وأمّا الحلّ : فتقريبه : أنّ هذا العلم الإجمالي لو فرض تماميّة الاستدلال به فهو لا يثبت حجيّة خبر الثقة بالمعنى المراد من الحجيّة ؛ وذلك لأنّ الحجيّة معناها كون الشيء منجزا ومعذرا ، فإذا قامت الحجّة على التكليف كانت منجزة لوجوب الالتزام بهذا التكليف فعلا أو تركا ، كما لو قام خبر الثقة على وجوب التصدّق عند رؤية الهلال ، أو على حرمة شرب التتن ، وإذا قامت الحجّة على نفي التكليف كانت معذرة للمكلف إذا خالف الواقع وكان التكليف ثابتا كما لو قام خبر الثقة على نفي وجوب