إلا أنّ هذا التبادر يواجه مشكلة لا بدّ من حلّها وإلا فيكون مانعا من الأخذ به ، وتوضيح ذلك :
ولكن قد استشكل في ذلك وقيل بأنّ تطبيق دليل الحجيّة على هذا الترتيب مستحيل ، وبيان الاستحالة بتقريبين :
الأوّل : أنّه يلزم منه إثبات الحكم لموضوعه ، مع أنّ الحكم متأخّر رتبة عن موضوعه ؛ وذلك لأنّ خبر زرارة لم يثبت إلا بلحاظ دليل الحجيّة مع أنّه موضوع للحجيّة المستفادة من ذلك الدليل ، وهذا معنى إثبات الحكم لموضوعه.
التقريب الأوّل : أنّ القول بحجيّة الخبر مع الواسطة محال ؛ لأنّه يلزم منه محذوران لا يمكن الالتزام بهما. وفي الحقيقة أنّ كلا الركنين المفروضين في دليل الحجيّة من ثبوت الموضوع أوّلا ووجود الشرط ثانيا لا يتحققان في مقامنا.
وبيان ذلك : لو قيل بتطبيق دليل الحجيّة على الخبر مع الواسطة للزم منه :
أوّلا : محذور اتحاد الحكم مع موضوعه ، أو كون الحكم موجدا ومثبتا لموضوعه وهو محال ؛ لأنّ الموضوع متقدم على الحكم والحكم متأخر عنه ، ولذلك يستحيل اتحادهما معا أو كون أحدهما مثبتا للآخر.
وتوضيح ذلك بأن يقال : إنّ خبر زرارة المنقول بالواسطة إنّما يثبت لنا بعد تطبيق دليل الحجيّة على الواسطة ، وحيث إنّ زرارة خبره ثقة ، فلكي يثبت مفاده لا بدّ من تطبيق دليل الحجيّة عليه أيضا ، وهذا معناه أنّ خبر زرارة قد ثبت ووجد بدليل الحجيّة وهو مع ذلك موضوع لدليل الحجيّة ، وهذا الأمر لا يمكن الالتزام به ؛ لأنّ كونه موجودا بدليل الحجيّة لازمه أن دليل الحجيّة متقدّم عليه وهو متأخر عنه ، بينما كونه موضوعا لدليل الحجيّة لازمه أنّه متقدم عليه ، ودليل الحجيّة متأخّر عنه ، وهذا خلف ودور.
ومن جهة أخرى : أنّ تطبيق دليل الحجيّة متوقف على ثبوت الخبر أوّلا ، لأنّه موضوعه والحكم متأخر عن موضوعه ، فإذا كان خبر زرارة ثابتا بدليل الحجيّة كان معناه أنّ دليل الحجيّة أثبت موضوعه وهو محال ، لأنّ الحكم متأخر عن موضوعه فكيف يثبته؟!
ومن جهة ثالثة : أنّ دليل الحجيّة الذي نريد تطبيقه على خبر زرارة متوقف على