المشروط بوجود هذا الأثر ، والحال أنّ الأثر الشرعي لخبر زرارة ليس إلا التعبّد لحجيته فقط ؛ إذ لا أثر شرعا للخبر إلا كونه حجّة ، وأمّا الحكم الشرعي فهو أثر شرعي لحجيّة خبر زرارة لا لنفس خبر زرارة.
وحينئذ نقول : إنّ دليل الحجيّة كان أثره هنا الحجيّة التعبديّة لخبر زرارة ، وهذا معناه أنّ الحكم والمشروط الذي هو دليل الحجيّة كان أثره وشرطه هو التعبد بدليل الحجيّة فلزم اتحاد الشرط مع المشروط ، والحكم مع الأثر وهو محال ؛ لأنّ المفروض هو التغاير بين الحكم والأثر والشرط والمشروط.
ويلزم أيضا أن يكون الحكم موجدا ومثبتا لأثره ؛ لأنّ دليل الحجيّة الذي هو المشروط والحكم بعد تطبيقه على خبر الناقل يثبت به خبر زرارة الذي أثره تطبيق دليل الحجيّة ، فكان دليل الحجيّة مثبتا وموجدا لدليل الحجيّة أيضا.
وجواب كلا التقريبين : إنّ حجيّة الخبر مجعولة على نهج القضيّة الحقيقيّة على موضوعها وشرطها المقدّر الوجود ، وفعلية الحجيّة المجعولة بفعلية الموضوع والشرط المقدّر ، وتعدد الحجيّة الفعليّة بتعدّدهما ، كما هو الشأن في سائر الأحكام المجعولة على هذا النحو.
والجواب عن هذين الإشكالين : إنّ الحجيّة المجعولة لخبر الثقة كغيرها من الأحكام مجعولة على نهج القضيّة الحقيقيّة التي يفرض فيها الموضوع ويقدر فيكون مفادها أنّه إذا وجد خبر الثقة فهو حجّة ، فالحجيّة متوقفة على فرض وجود خبر الثقة ؛ بمعنى أنّه في الخارج كلما وجد خبر ثقة يكون حجّة ، وهذا معناه أنّ فعلية هذه الحجيّة المجعولة في الخارج إنّما تكون بفعلية موضوعها أو شرطها ، أي بوجود خبر ثقة في الخارج ، ولذلك فإنّ هذه الحجيّة تتعدد وتتكثر في الخارج تبعا لتعدد وتكثر الموضوع وتحقّق الشرط.
فإذا كان هناك مائة ثقة في الخارج كان هناك مائة حجيّة لكل خبر حجيّة مستقلّة عن حجيّة الآخر.
وبذلك يندفع كلا المحذورين ، لأنّ الحجيّة التي هي حكم ومشروط إنّما تكون متأخّرة عن الموضوع والشرط المقدر الوجود أي أنّها على تقدير ثبوت وتحقّق الموضوع والشرط تثبت الحجيّة فهي متأخّرة رتبة عنهما.