والأثر للحجيّة الأولى هو التعبّد بثبوت خبر زرارة وكونه حجّة ، بينما الأثر للحجيّة الثانية هو التعبد بثبوت قول المعصوم وكون الحكم الذي يحكيه حجّة ، ولذلك لم يتحد ولم يتداخل أحدهما بالآخر لا موضوعا ولا أثرا ولا حكما.
والوجه في ذلك : هو أنّ فعلية حجيّة خبر زرارة متوقفة على الحجيّة الفعليّة لخبر الناقل ، وهذا يعني أنّ ثبوت الحجيّة الخارجيّة لخبر الناقل هو الذي تتوقّف عليه فعلية الحجيّة لخبر زرارة ، وأمّا نفس حجيّة خبر زرارة الثانية فهي ثابتة بالفرض والتقدير ، لأنّها مصداق للحجيّة المجعولة لخبر الثقة مطلقا بنحو القضيّة الحقيقيّة المقدّرة الموضوع.
وفرق بين الحجيّة الخارجيّة الفعليّة وبين الحجيّة الثانية ، فإنّ الأولى متوقفة على تحقّق قيودها وشروطها في الخارج ، بينما الثانية لا تتوقّف إلا على فرض وتقدير وجود هذه القيود والشروط وتصوّرها ذهنا ، ولذلك لا يحصل الاتحاد أصلا (١).
__________________
(١) مضافا إلى وقوع نظير ذلك في كثير من الموارد الفقهية كالشهادة على الشهادة والإقرار على الإقرار ونحو ذلك.
على أنّه بالإمكان القول : أنّ كل واحد من الخبرين موضوع مستقل للحجيّة ، بمعنى أنّه يلاحظ كل خبر وحده كما لو كان مستقلا ، فخبر الناقل لو لوحظ بنفسه فهو خبر ثقة فهو حجّة يجب تصديقه والعمل بمضمونه ، ومضمونه هو إخبار زرارة ، وهو ثقة يجب تصديقه والعمل بمضمونه ، ومضمونه هو ثبوت قول المعصوم والحكم الشرعي ، فيتم المطلوب.
كما إنّه بالإمكان دفع الإشكال بالقول : أنّ الحكم الشرعي الذي يحكي عنه الخبر مع الواسطة إنّما يثبت لنا فيما إذا لم يكذب زرارة ولم يكذب الناقل ، وهذا معناه أنّه توجد قضيّة شرطية مفادها أنّه إذا لم يكذب المخبر فالحكم ثابت ، فإذا أمكن إثبات تحقّق الشرط فيثبت الجزاء ، وهنا إذا طبقنا دليل حجيّة خبر الثقة على كلا المخبرين باعتبار وثاقتهما ثبت لدينا الشرط وهو أنّ المخبرين لم يكذبا ، فيثبت الجزاء وهو ثبوت الحكم وهو المطلوب.