وبهذا التفسير ينحل الإجمال في الدليلين وبالتالي تبطل منجزية العلم الإجمالي بالجامع لسريانه إلى الفرد.
الرابعة : أن يأتي دليل من الخارج ويثبت أحد المحتملين من الدليل المجمل ، ولكن لا بنحو يكون هذا الإثبات مستلزما لنفي الآخر ، بل يبقى الآخر محتملا في نفسه أيضا ، بأن كان المجمل يدور أمره بينهما على أساس مانعة الخلو ولكن يحتمل اجتماعهما أيضا ، فهنا لا يكون هذا الدليل موجبا لبطلان منجزية العلم الإجمالي بالجامع مباشرة ، وإنّما يوجب اختلال الركن الثالث من أركان منجزية العلم الإجمالي الذي هو جريان الأصول الترخيصيّة في الطرفين ، فإنها لا تجري في المحتمل الذي ثبتت منجزيته بهذا الدليل الخاص ، ولذلك تجري في المحتمل الآخر من دون مانع ولا محذور فينحل العلم الإجمالي حينئذ.
وتوضيح ذلك : إذا ورد دليل يدلّ على جواز التيمم بالصعيد ، ولكنّه مجمل ومردّد بين كون المراد من الصعيد مطلق وجه الأرض أو خصوص التراب ، ثمّ يأتي دليل آخر يثبت أنّ التيمم بالتراب ، فهنا يكون هذا الدليل مثبتا لأحد المحتملين من المجمل ، ولكنّه لا ينفي المحتمل الآخر ، إذ لا منافاة بين الأمرين ، ولكن مع ذلك يسقط الجامع لاختلال الركن الثالث من أركانه ، لأنّ أحد طرفيه قد تنجّز على كل تقدير ولذلك لا تجري فيه الأصول الترخيصيّة المؤمّنة ، بينما تجري في الآخر من دون معارض ولذلك ينحلّ الجامع وتبطل منجزيته.
وكما في قوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ) وتردّد المراد من الأم بين النسبيّة أو هي والسببيّة ، ثمّ يأتي دليل آخر يثبت أنّ الأمّ النسبيّة هي التي تحرم على الإنسان ، فإنّه يوجب سقوط العلم الإجمالي عن المنجزية لأنّ أحد أطرافه قد تنجز بمنجز شرعي فتجري الأصول الترخيصيّة في الطرف الآخر من دون معارض ، إذ لا يمكن جريانها في الطرف الذي قام عليه المنجز ، وبالتالي تنحل منجزية هذا العلم الإجمالي بالجامع.
وأمّا النصّ فلا شكّ في لزوم العمل به ولا يحتاج إلى التعبد بحجيّة الجانب الدلالي منه إذا كان نصّا في المدلول التصوّري والمدلول التصديقي معا.
وأمّا حجيّة النص فهي ممّا لا شكّ فيها ويجب العمل بمفاده ، ولا نحتاج إلى التعبد