الصورة الأولى : أن يحتمل وجود القرينة المتّصلة في كلام المتكلّم إلا أنّ السامع قد غفل عنها ولم يلتفت إليها بحواسه فيكون منشأ احتمال القرينة المتّصلة هو غفلة السامع عن ذكرها في الكلام بأن يفرض أنّ المتكلّم قد ذكرها لكنّ السامع لم ينتبه إليها.
فهنا لا إشكال في تماميّة موضوع حجيّة الظهور ، فيتمسك به ؛ وذلك لأنّ احتمال هذه القرينة المتّصلة الناشئة من الغفلة تنفى بأصل عقلائي ثابت عند العقلاء وكاشف عن المراد الجدّي والواقع ، وهو أنّ الإنسان حين سماعه لكلام المتكلّم يكون ملتفتا وذاكرا لما يقوله ولا يغفل عمّا يذكره من كلام إلا أن يعلم يقينا بذلك.
وعليه ، فيكون الأصل في هذه الحالة هو عدم غفلة السامع وبالتالي يكون احتمال وجود القرينة المتّصلة منتفيا لانتفاء منشئه ، فإذا انتفى احتمال وجود القرينة المتّصلة تنقّح بذلك موضوع حجيّة الظهور ، وهو المدلول التصديقي حيث إنّه لا وجود للقرينة المتّصلة استنادا إلى هذا الأصل العقلائي والقرينة المنفصلة لا يعلم وجودها كما هو المفروض فيتحقق موضوع حجيّة الظهور ، وأصالة عدم الغفلة نسميها أصالة عدم القرينة ، لأنّه على أساس هذه الأصالة انتفى احتمال وجود القرينة المتّصلة ، وهذا يعني أنّه لا يوجد أصل عقلائي يسمّى بأصالة عدم القرينة في هذه الحالة ، وإنّما من باب المناسبة فقط.
الصورة الثانية : أن يكون الشك في وجودها لاحتمال اسقاط الناقل لها ، وفي هذه الحالة يمكن نفيها بشهادة الراوي المفهومة من كلامه ولو ضمنا بأنّه استوعب في نقله تمام ما له دخل في إفادة المرام ، وبذلك يحرز موضوع أصالة الظهور.
الصورة الثانية : أن يحتمل وجود القرينة المتّصلة في كلام المتكلّم لكن الناقل الذي يروي كلامه أسقط هذه القرينة من كلامه بأن كان نسيها مثلا فلم يذكرها ، وهذا يعني أنّ الناقل إما أن يكون قد تعمد إسقاطها ، وإما أن يكون نسيها.
وعلى كل حال فإنّ هذا الاحتمال يمكن نفيه على أساس شهادة الراوي ووثاقته ، فإنّ إحراز وثاقة الراوي يتكفّل مئونة نفي احتمال تعمّد الكذب ، إذ هو خلاف وثاقته المحرزة ، وشهادة الراوي الذي ينقل الكلام تدلّ بالمطابقة على أنّ المتكلّم قد تكلم بهذا الكلام وتدلّ بالتضمّن أو بالالتزام على أنّه لم يقل شيئا آخر ، أي أنّه قال هذا الكلام