فقط ، ولم يقل كلاما آخر له مدخليّة في تفسير المراد من الكلام السابق ، فإنّ شهادة الراوي هذه تعتبر في الحقيقة شهادة ضمنية أو شهادة سلبية مستفادة من سكوت الراوي وعدم ذكره إلا لهذا الكلام الذي يعني أنّ المتكلّم قد قال هذا فقط ولم يقل شيئا آخر ، ولذلك سكت الناقل ولم ينقل شيئا آخر زائدا على ما ذكره من باب الأمانة والدقة في النقل.
وبهذا ننفي احتمال أن يكون الناقل قد أسقط القرينة المتّصلة عند نقله لكلام المتكلّم لأنّه ثقة ، ولأنّه شهد بأنّ هذا هو كلام المتكلّم لا أزيد ؛ وهذا أصل عقلائي أيضا ، فإنّ العقلاء يبنون على صحّة النقل المذكور وأنّه لا يوجد شيء آخر لم ينقل لأنّ ظاهر حال المتكلّم الثقة الأمين أنّه ينقل كل كلام المتكلّم دون زيادة أو نقصان ، وحينئذ يتنقّح موضوع حجيّة أصالة الظهور ، ولا نحتاج إلى أصالة عدم القرينة أيضا.
الصورة الثالثة : أن يكون الشك في وجودها غير ناشئ من احتمال الغفلة ولا من الإسقاط المذكور ، فلا يمكن الرجوع إلى أصالة الظهور ابتداء ، للشك في موضوعها وهو الظهور التصديقي ، ولا يمكن تنقيح موضوعها بإجراء أصالة عدم القرينة لأنّه لا توجد حيثيّة كاشفة عقلائيّة عن عدم القرينة المحتملة لكي يعتبرها العقلاء ويبنوا على أصالة عدم القرينة.
وبهذا نعرف أنّ احتمال القرينة المتّصلة في مثل هذه الحالة يوجب الإجمال.
الصورة الثالثة : أن يكون احتمال وجود القرينة المتّصلة ليس منشؤه احتمال الغفلة أو احتمال إسقاط الناقل لها. وإنّما يكون منشؤه شيئا آخر وراء هذين الاحتمالين ، كما لو وصلنا كلام المتكلّم في رسالة مقتطعة الذيل واحتملنا أن يكون الذيل عبارة عن مقيّد أو مخصّص لإطلاق أو لعموم كلامه في الصدر ، أو كما إذا كان هناك قرائن حالية لبيّة متّصلة بالخطاب اعتمد عليها المتكلّم لإفهام السامع والناقل لم يذكرها الناقل لأنّها ليست قرينة لفظية وإنّما هي من المرتكزات اللبيّة التي لا يجب على الناقل ذكرها عند نقله.
فهنا لا يمكن إجراء أصالة عدم الغفلة أو الاعتماد على وثاقة وشهادة الناقل كما في الصورتين السابقتين ، إذ لا مورد لهما هنا وكذلك لا يمكن نفي هذا الاحتمال استنادا إلى أصالة عدم القرينة لأنّه لا يوجد منشأ لهذه الأصالة يكون كاشفا ظنيا