وأمّا كيفيّة إثبات أنّ هذا الظهور الموضوعي الثابت في عصر السماع مطابق للظهور الموضوعي الثابت في عصر النصّ فهذا يمكن إثباته بأصل عقلائي ثابت في المقام يسمّى بأصالة عدم التغير أو عدم النقل أو الاستصحاب القهقرى ، وفقا للتوضيح التالي :
ويبقى علينا أن نثبت أن الظهور الموضوعي في عصر السماع يطابق الظهور الموضوعي في عصر الكلام الذي هو موضوع الحجيّة ، وهذا ما نثبته بأصل عقلائي يطلق عليه أصالة عدم النقل ، وقد نسمّيه بأصالة الثبات في اللغة.
وأمّا إثبات التطابق بين الظهور الموضوعي في عصر السماع وبين الظهور الموضوعي في عصر النصّ والصدور والكلام ، فهذا يمكن إثباته بأصل عقلائي كاشف عن الواقع كشفا نوعيّا ، وهذا الأصل العقلائي عبّر عنه بتعبيرات مختلفة ، ففي كلمات القدماء عبّر عنه بالاستصحاب القهقرى والمراد منه : الاستصحاب الذي يكون اليقين فيه لاحقا والشك سابقا بعكس الاستصحاب المصطلح.
فنحن هنا على يقين بأنّ هذا اللفظ يدلّ على المعنى في عصر السماع ونشك في أنّه يدلّ عليه أيضا في عصر الصدور والنصّ الذي هو أسبق زمانا على عصر السماع أم لا؟ فيقال : إنّ هذا الاستصحاب يجري لإثبات أنّ المعنى كان ثابتا هناك أيضا ، وبالتالي يرتفع الشك ويثبت التطابق بين العصرين.
وحديثا يعبّر عن هذا الأصل بأصالة عدم النقل أو أصالة عدم التغير أو أصالة الثبات في اللغة ، فإنها تعبيرات مختلفة ولكن المقصود واحد وهو أنّ الأصل في الألفاظ الموضوعة لمعانيها أنّها لم تنقل إلى معنى آخر لأنّ النقل يحتاج إلى دليل وقرينة ، وهو غير موجود ، وكذلك فإنّ اللغة والوضع الأصل فيهما عدم التّغير أي أنّهما ثابتان فإذا شككنا في أنّهما قد تغيّرا أم لا نتمسّك بأصالة الثبات وعدم التغير ، وبالتالي يثبت أنّ هذا المعنى الظاهر من اللفظ في عصر السماع هو نفسه المعنى الذي كان ظاهرا من اللفظ في عصر النصّ على أساس أنّ التّغير خلاف الأصل ، ويحتاج إلى دليل لإثباته ، لأنّ الثبات في اللغة هو الأساس والأصل الأوّلي ولا يرفع اليد عنه إلا في كل مورد خاص يثبت فيه النقل والتغير.
يبقى أنّ هذا الأصل العقلائي لا بدّ أن يكون له كاشفيّة نوعيّة ليكون التمسّك به