بالظهور في بعض الموارد التي يكون فيها ظن فعلي شخصي على الخلاف ، أو لا يكون فيها ظن فعلي على الوفاق ، وليس دائما يبنون على حجيّة الظهور.
فمثلا التاجر الذي يخبره تاجر آخر بأسعار السلع وأنّه يجب بيعها بهذا الثمن فقط لا أكثر ، فإنّه إذا حصل لهذا التاجر ظن شخصي فعلي بأنّ هذا التاجر الذي أخبره بتحديد أسعار السلع لا يريد ما هو ظاهر كلامه واقعا وجدّا ، وإنّما أخبره بذلك لرغبات شخصيّة ونحو ذلك ، فهنا لا يتمسّك هذا التاجر بظهور كلامه ويعتمده حجّة بل لا يتأمّل فيه أصلا.
وكذا الحال بالنسبة للمشتري الذي يخبره البائع بثمن السلعة فإنّه إذا حصل له ظن شخصي بالخلاف أو لم يظن بالوفاق لا يعمل بظهور كلام البائع بل يسأل غيره ولعلّه يتركه فورا ولا يبتاع منه.
فهذا كلّه دليل وشاهد وجداني على أنّ العقلاء يفرّقون بين الظهور الذي لا يوجد ظن فعلي على خلافه أو الظن على وفاقه وبين الظهور الذي يوجد على خلافه ظن شخصي أو لا يحصل على وفاقه ظن شخصي.
وليس كما قال الأعلام أنهم مطلقا وفي كل الحالات يعملون بالظهور ولا يفرّقون بين الحالات الشخصيّة وغيرها.
ومن هنا عمّق المحقّق النائيني رحمهالله اعتراض الأعلام ، إذ ميّز بين العمل بالظهور في مجال الأغراض التكوينيّة الشخصيّة ، والعمل به في مجال الامتثال وتنظيم علاقات الآمرين بالمأمورين.
ففي المجال الأوّل لا يكتفى بالظهور لمجرّد اقتضائه النوعي ما لم يؤثّر هذا الاقتضاء في درجة معتدّ بها من الكشف الفعلي ، وفي المجال الثاني يكتفى بالكشف النوعي الاقتضائي للظهور تنجيزا وتعذيرا ، ولو لم يحصل ظن فعلي بالوفاق أو حصل ظن فعلي بالخلاف.
والأمثلة المشار إليها تدخل في المجال الأوّل لا الثاني.
ومن أجل ما ذكرناه من أمثلة تدلّ على أنّ العقلاء يفرّقون بين حالات الظهور ، عمّق الميرزا اعتراض الأعلام بنحو آخر.
فقال : إنّ العمل بالظهور في حياة العقلاء على نحوين :