أن تكون كاشفة عن مراده الواقعي ، وحينئذ يجعل الشارع هذه الغلبة كاشفا ظنيا عن المراد الجدّي والواقعي للكلام الصادر منه.
والطريق الذي اختاره الشارع هو الثاني لا الأوّل لأنّه الأوثق بتنظيم العلاقة بين الشارع وعبيده والأسهل بالنسبة إلى كيفيّة جعل الأحكام وأنّها عامّة وشاملة لكل المكلّفين في كل زمان ومكان.
وعلى هذا الأساس نصل إلى أنّ حجيّة الظهور كانت بملاك أنّ الغالب في الظهورات عند ما يلحظها الشارع بصورة إجماليّة هو كونها كاشفة عن المراد الواقعي للكلام الصادر منه ، فملاك الحجيّة هو هذه الكاشفيّة لدى الشارع.
والدليل على ذلك : هو أنّ حجيّة الظهور من الأمارات التكوينيّة الكاشفة عن الواقع ؛ لأنّه بناء على ما ذكرنا كان جعل الشارع الحجيّة للظهور باعتبار غلبة كشفه عن الواقع ، وقد تقدّم في بحث الحكم الظاهري أنّه على ثلاثة أقسام : لأنّه إما أن يكون بملاك قوّة الاحتمال أي الكاشفيّة فقط أو بملاك قوّة المحتمل فقط من دون ملاحظة الكشف فيه ، أو بملاك المحتمل والاحتمال معا ، والأوّل هو الأمارة ، والثاني هو الأصل العملي المحض ، والثالث هو الأصل المحرز أو التنزيلي.
وبما أنّ الحجيّة كانت بملاك الغلبة الكاشفة عن الواقع فهي إمارة ؛ لأنّه من خلال هذه الكاشفيّة يكون الشارع قد لاحظ ما هو الأهم من الملاكات الواقعيّة عند اختلاطها وعدم تمييز المكلّف لها ، فعند ما يجعل الشارع الظهور حجّة من باب الكاشفيّة فهذا يعني أنّ الظهور والعمل به يكون أحفظ لملاكات وأغراض الشارع الواقعيّة من غيره.
ومن الواضح أيضا كما تقدّم أن قوّة الاحتمال والكاشفيّة التي تجعل الشيء أمارة إنّما هي الكاشفيّة بنظر المولى لأنّه الأعرف بأغراضه الواقعيّة وبكيفيّة الحفاظ عليها لأنّ المولى هو الذي يشخّص هذه الأهميّة باعتبارها تتعلّق بأحكامه هو ، وليس للمكلف أيّة مدخليّة في ذلك.
ومن هنا نعرف أنّ مناط الحجيّة للظهور هو كونه كاشفا عن الملاكات الواقعيّة وأنّه الأهم في مقام الحفاظ عليها ، وهذا يستلزم أن يكون الشارع هو الذي شخّص هذه الكاشفيّة والأهميّة لا المكلّف ، ولذلك فيكون الظهور حجّة باعتباره كاشفا بنظر