أهمية ، وهذه الأهميّة قد اكتسبتها الأغراض الواقعيّة التي تحفظها الأمارة المعتبرة بلحاظ قوّة الاحتمال ، كما تقدّم في محلّه.
ومن الواضح أنّ قوّة الاحتمال المؤثّرة في اهتمام المولى إنّما هي قوّة احتماله لا قوّة احتمال المكلّف ، فمن هنا تناط الحجيّة بحيثية الكشف الملحوظة للمولى وهي الظهور لا بالظن الفعلي لدى المكلّف.
والتحقيق في الإجابة عن هذا التفصيل مع إبراز نكتة الفرق بين الأغراض التشريعيّة والأغراض الشخصيّة ، أن يقال : إنّ ملاك حجيّة الظهور هو كونه كاشفا عن المراد والواقع ، وهذا الكشف بلحاظ ما رآه المولى لا المكلّف ، ولذلك فيكون المدار على وجود الكاشفيّة للظهور وعدمها عند المولى ، لا عند المكلّف.
وتوضيح ذلك : أنّ المولى حينما يلحظ ظواهر كلامه الصادرة منه في مقام التشريع أي الأوامر والنواهي يكون بين أمرين :
الأوّل : أن يلحظ هذه الظواهر بنحو التفصيل بأن يلحظ كل ظهور ظهور ، فهنا يمكنه أن يميّز بصورة قاطعة بين الظهور الذي يكشف عن مراده الواقعي وبين الظهور الذي لا يفي بذلك ، بمعنى أنّ المولى باعتباره عالما بمراده الجدّي الواقعي يمكن أن يلحظ هذا الظهور ليرى هل هو كاشف عن مراده أو ليس بكاشف؟ وهنا يعطي المولى ضابطة شخصيّة تتعلّق بكل ظهور تبعا لما لاحظه بنفسه تفصيلا من كاشفيّته وعدمها.
الثاني : أن يلحظ المولى ظواهر كلامه بصورة عامّة وإجماليّة في مجموع ظواهر كلامه لا كل ظهور ظهور ، فهنا إمّا أن يرى أنّ الغالب في هذه الظهورات كونها كاشفة عن مراده الجدّي أو يرى أنّ الغالب فيها عدم الكاشفيّة أو لا يكون هناك أغلبيّة لشيء منهما ، فإذا لم يكن الأغلب فيها الكاشفيّة ، أو كان احتمال الكاشفيّة وعدمها متساويا فيها فهنا لن يجعل الشارع الظهور حجّة ، وهذا يستدعي منه أن يصدر حكما ظاهريّا ينهى فيه عن العمل بظواهر كلامه باعتبار أنّ السيرة العقلائيّة منعقدة على العمل بالظهور ممّا يحتّم على الشارع الردع والنهي في حالة مخالفته.
وقد تقدّم سابقا أنّ الشارع سكت ولم يردع عن هذه السيرة ممّا يعني أنّه أمضى السيرة المذكورة ، وهذا يعني أنّ الشارع قد لاحظ أنّ الأغلب في مجموع الظهورات