وبهذا ظهر أنّه في الأغراض الشخصيّة يبنى في حجيّة الظهور على عدم وجود ظن بالخلاف أو على وجود ظن بالوفاق.
بينما في الأغراض التشريعيّة يبنى على حجيّة الظهور مطلقا سواء كان هناك ظن بالوفاق أم لا وسواء كان هناك ظن بالخلاف أم لا.
والأمثلة التي ذكرت سابقا كانت داخلة في الأغراض التكوينيّة الشخصيّة ولذلك احتاج العمل بالظهور إلى عدم وجود ظن على خلافه أو على وجود ظن بوفاقه.
وهذا الكلام وإن كان صحيحا وتعميقا لاعتراض الأعلام ، ولكنّه لا يبرز نكتة الفرق بين المجالين ولا يحلّ الشبهة التي يستند إليها التفصيل على النحو الذي شرحناه آنفا.
وهذا الكلام من الميرزا متين وصحيح في نفسه ، إلا أنّه لا يبرز النكتة التي على أساسها كان الظهور حجّة في مجال الأغراض التشريعيّة ولم يكن حجّة في مجال الأغراض الشخصيّة التكوينيّة ، وعليه فيمكن أن يقال اعتراضا على كلامه بأنّ حجيّة الظهور ما دامت ليست تعبديّة محضة لأنّها من الأصول العقلائيّة التي تكون بلحاظ ما لها من حيثيّة كشف عن الواقع والمراد فكيف كانت هذه الكاشفيّة حجّة في الأغراض التشريعيّة وليست حجّة في الأغراض الشخصيّة مع أنّ الكاشفيّة فيهما على حدّ سواء.
وعليه ، فالشبهة تبقى على حالها أو أنّه أجاب عن الشبهة السابقة إلا أنّه حصلت شبهة أخرى لا بدّ من الإجابة عنها.
فالتحقيق الذي يفي بذلك أن يقال :
إنّ ملاك حجيّة الظهور هو كشفه ، ولكن لا كشفه عند المكلّف بل كشفه في نظر المولى ، بمعنى أنّ المولى حينما يلحظ ظواهر كلامه فتارة يلحظها بنظرة تفصيلية فيستطيع بذلك أن يميّز بصورة جازمة ما أريد به ظاهره عن غيره ، لأنّه الأعرف بمراده ، وأخرى يلحظها بنظرة إجماليّة فيرى أنّ الغالب هو إرادة المعنى الظاهر ، وذلك بجعل الغلبة كاشفا ظنيا عند المولى عن إرادة المعنى الظاهر بالنسبة إلى كل كلام صادر منه حينما يلحظه بنحو الإجمال ، وهذا الكشف هو ملاك الحجيّة لوضوح أنّ حجيّة الأمارة حكم ظاهري وارد لحفظ الأغراض الواقعيّة الأكثر