الخلط بين الظهور والحجيّة
اتّضح ممّا تقدّم أن مرتبة الظهور التصوّري متقوّمة بالوضع ، ومرتبة الظهور التصديقي بلحاظ الدلالة التصديقيّة الأولى والدلالة التصديقيّة الثانية متقوّمة بعدم القرينة المتّصلة ، لأنّ ظاهر حال المتكلّم أنّه يفيد مراده بشخص كلامه ، فإذا كانت القرينة متّصلة دخلت في شخص الكلام ولم يكن إرادة ما تقتضيه منافيا للظهور الحالي ، وأمّا عدم القرينة المنفصلة فلا دخل له في أصل الظهور وليس مقوّما له ، وإنّما هو شرط في استمرار الحجيّة بالنسبة إليه.
تقدّم سابقا أنّ الظهور ينقسم إلى قسمين : تصوّري ، وتصديقي.
والظهور التصوّري : هو المعنى الذي يخطر في الذهن من سماع اللفظ ، ولذلك يتوقّف على وضع اللفظ للمعنى.
والظهور التصديقي ـ وهو على نحوين ـ : الظهور التصديقي على مستوى الدلالة التصديقيّة الأولى أي الإرادة الاستعمالية ، والظهور على مستوى الدلالة التصديقيّة الثانية أي الإرادة الجديّة.
وهذا الظهور يتوقّف على عدم وجود القرينة المتّصلة على الخلاف فإنّ كل متكلّم يؤخذ بمراده الجدّي الظاهر من كلامه فعلا أي ما يكون مرادا جديّا له بشخص كلامه لا بكلام آخر سوف يأتي فيما بعد.
وعلى هذا فنقول : إنّ لم تكن هناك قرينة متّصلة على الخلاف كان المدلول التصديقي مطابقا للمدلول التصوّري وانعقد المراد الجدّي على طبقه ، وإن كان هناك قرينة على الخلاف فإنّ المراد الجدّي ينعقد على خلاف الظهور التصوّري وهذا يعني أنّ الظهور التصوّري محفوظ دائما حتّى مع القرينة المتّصلة على الخلاف فضلا عن المنفصلة ، ويعني أيضا أنّ القرينة المتّصلة تدخل في تكوين المراد الجدّي والظهور